تحديثات الأخبار

أطول حرب في تاريخ العرب..

تُعد حرب البسوس أطول حرب قبلية في تاريخ العرب، وقد وقعت في فترة الجاهلية قبل مولد النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- وقبل بعثته المباركة. استمرت هذه الحرب لفترة طويلة تصل إلى أربعين عامًا، وكانت عبارة عن سلسلة من النزاعات والحروب المتقطعة بين قبيلتين عربيتين هما: قبيلة بكر وقبيلة تغلب بن ربيعة. ويُعتبر هذا الصراع أحد أبرز الأمثلة على النزاعات القبلية التي اندلعت لأسباب شخصية وتحولت إلى حروب طويلة، راح ضحيتها العديد من الأرواح وأثرت على العلاقات بين القبائل في الجزيرة العربية.

سبب اندلاع حرب البسوس

بدأت حرب البسوس نتيجة حادثة صغيرة لكنها كان لها أثر كبير في اندلاع صراع طويل. فقد كان كليب بن وائل من قبيلة تغلب، متزوجًا من جليلة بنت مرة بن ذهل بن شيبان من قبيلة بكر. وكانت جليلة ابنة عم جساس، الذي لعب دورًا مهمًا لاحقًا في الأحداث.

تروي الروايات أن كليب سأل زوجته يومًا: "هل تعرفين من هو أعزّ في العرب مني؟" فأجابت جليلة بذكر أسماء أخويها جسّاس وهمّام. شعر كليب بالغضب من هذه الإجابة، وخرج وهو يحمل قوسه ليجد ناقته المفضلة، ناقة البسوس، ترعى في حِماه وهو ممنوع من السماح لها بالمرعى هناك. ضرب كليب الناقة فقُتلت، مما أثار غضب البسوس، ابنة عم جليلة، التي بدأت تستغيث بجساس، قائلة إنها ستتخذ موقفًا حاسمًا.

في اليوم التالي، توجه جساس مع عمرو المزدلف لملاقاة كليب، وعاتبوه على منعهم من الورود على الماء وقتل ناقتها، لكنه لم يستجب، فاقترب جساس وضربه بالرمح حتى قُتل كليب، ليكون ذلك الشرارة التي أشعلت حربًا طويلة بين القبيلتين.

سبب تسمية الحرب باسم البسوس

سُميت الحرب باسم البسوس نسبةً إلى المرأة نفسها، ابنة منقر الفقيمية، التي كانت خالة جساس. وتعدّ البسوس المرأة التي أطلقت الفتنة بين الطرفين بموت ناقتها وصرختها المستمرة، مما أدى إلى اندلاع نزاع طويل لم ينتهِ إلا بعد عدة عقود. وكانت البسوس قد أثرت في الأحداث بشكل مباشر وشكلت سببًا رئيسيًا لتسمية الحرب بهذا الاسم، فهي المرأة التي أطلقت شرارة النزاع.

تروي المصادر أن البسوس كانت تصرخ عند جساس وتستغيث، وتعبّر عن غضبها من خلال أبيات شعرية، كان لها دور في تحريك مشاعر جساس ضد كليب، وتأكيدًا على أهمية الانتقام والكرامة في المجتمع العربي الجاهلي، حيث كان للشرف والانتقام مكانة كبيرة.

أحداث الحرب وامتدادها

امتدت حرب البسوس لفترة طويلة وصلت إلى أربعين سنة، واشتملت على ست معارك كبيرة بين القبيلتين، وكانت هذه المعارك تُعدّ ملاحم تاريخية في تلك الحقبة. تخلل الحرب الكثير من القتل وسفك الدماء، ولم ينجُ من النزاع سوى القليل من الأسر والمجتمعات المحلية التي تأثرت بشكل كبير.

كان آخر هذه المعارك هو يوم تحلاق اللمم، وهو اليوم الذي شهد صراعًا عنيفًا بين القبيلتين، وبالرغم من طول الحرب واستمرار النزاعات، إلا أن الطرفين لم يحققوا نصرًا قاطعًا على الآخر، وهو ما دفعهما لاحقًا للبحث عن حلول سلمية لإنهاء النزاع الطويل.

نهاية حرب البسوس

انتهت حرب البسوس بعد تدخل الملك المنذر بن ماء السماء، ملك الحيرة، الذي لعب دور الوسيط لإنهاء النزاع. كما ساهم الحارث بن عمرو الكندي في التوسط بين الطرفين، ليتم التوصل إلى صلح بين القبيلتين بعد أربعين سنة من القتال المتقطع. شكل هذا الصلح نهاية أطول حرب قبلية في تاريخ العرب، وعكس أهمية التدخلات الدبلوماسية والوساطات لحل النزاعات التي قد تستمر لأجيال إذا لم يتم ضبطها.

تُعد حرب البسوس مثالًا بارزًا على النزاعات القبلية التي بدأت بسبب حادثة شخصية صغيرة، لكنها تحولت إلى صراع طويل أرقى إلى المستوى التاريخي. هذا الصراع يعكس طبيعة المجتمعات العربية في فترة الجاهلية، حيث كان للشرف والانتقام دور كبير، كما يوضح أهمية الحلول السلمية والصلح لتجنب خسائر إضافية في الأرواح والممتلكات.

لقراءة المزيد عن الحروب في العصر الجاهلي ..اضغط هنا

لقراءة المزيد عن اهم حروب العالم..اضغط هنا