أنقذوا غزة قبل أن تكتمل الإبادة
أنقذوا غزة قبل أن تكتمل الإبادة
مقدمة: غزة بين الحياة والموت
في هذه اللحظة التي تُكتب فيها هذه الكلمات، هناك طفل في غزة يصرخ من تحت الأنقاض، وأم تبكي قلبها الممزق على فلذة كبدها، ورجل يودّع بيته المدمر للمرة الأخيرة. غزة ليست مجرد جغرافيا محاصرة على البحر المتوسط، بل هي جرح مفتوح في قلب الإنسانية، مرآة تكشف حجم القسوة التي يمكن أن يصل إليها البشر حين يتحول الظلم إلى أداة إبادة جماعية.
اليوم، يقف العالم أمام مشهد جديد، لا يختلف كثيرًا عن مشهد المحرقة النازية التي عاشها اليهود قبل ثمانين عامًا، لكنه يتكرر مع اختلاف الضحايا: في الماضي كان المستهدفون يهود أوروبا، واليوم المستهدفون هم أبناء غزة. وبين المشهدين يقف العالم متناقضًا، ازدواجية في المعايير، وكأن الدماء تُقاس بجنسية الضحية أو بدينها.
المحرقة النازية: ذاكرة مؤلمة للعالم
حين نتحدث عن المحرقة النازية (الهولوكوست)، نتحدث عن جريمة وُصفت بأنها الأكثر بشاعة في القرن العشرين. ملايين من اليهود، والغجر، والمعارضين السياسيين، وذوي الإعاقة، أُعدموا أو جُوّعوا أو أُحرقوا في أفران الغاز. غاز السيكلون B كان أداة الموت السريع، والخوف والرعب كانا وسيلة السيطرة على الأرواح.
العالم كله وقف بعد الحرب العالمية الثانية مشمئزًا من حجم الجريمة، معلنًا تعاطفه مع الضحايا. أُنشئت المحاكم الدولية لمحاكمة المجرمين النازيين، وتأسست مؤسسات تعليمية وثقافية لتخليد ذكرى المحرقة، كي لا تتكرر. الهولوكوست تحولت إلى رمز عالمي لرفض الكراهية، وجرى توظيفها في بناء سردية كاملة عن ضرورة حماية حقوق الإنسان.
غزة اليوم: محرقة القرن الحادي والعشرين
لكن، إذا نظرنا اليوم إلى غزة، نجد المشهد ذاته يعيد نفسه مع اختلاف الضحايا والجلادين. في غزة، لا يوجد أفران غاز، لكن هناك صواريخ تقصف بلا رحمة، حصار خانق يمنع الطعام والدواء، وغازات سامة مثل السارين تُستخدم لتعطيل الجهاز العصبي وقتل الأبرياء.
أطفال غزة لا يُحشرون في قطارات نحو معسكرات اعتقال، بل يُدفنون أحياء تحت ركام بيوتهم. نساء غزة لا يُسقن إلى غرف الغاز، بل يُقتلن مع أبنائهن داخل غرف النوم. ورجال غزة لا يُساقون إلى المحاكمات، بل يُستهدفون عشوائيًا كـ"أضرار جانبية" في حرب بلا أخلاق.
لقراءة المزيد عن غزة..انقر هنا
أسلحة الموت: من السيكلون B إلى السارين
في الهولوكوست، كان السلاح هو غاز السيكلون B. أما في غزة، فالمشهد أكثر وحشية:
- القصف العشوائي لمنازل المدنيين.
- منع الدواء والغذاء، لتجويع السكان.
- استخدام الفوسفور الأبيض الذي يحرق الجلد حتى العظم.
- اتهامات باستخدام غاز السارين، أحد أخطر الأسلحة الكيميائية، الذي يشلّ الجهاز العصبي ويقتل خلال دقائق.
- النتيجة واحدة: تدمير حياة شعب بأكمله.
ازدواجية المعايير الدولية
ما أشد مرارة المقارنة بين ردة فعل العالم على الهولوكوست، وبين صمته المطبق على إبادة غزة.
في الماضي: العالم فتح المحاكم، أطلق حملات التوعية، أنشأ المتاحف، وأقرّ التعويضات.
اليوم: العالم يغمض عينيه عن قتل آلاف الأطفال في غزة، يمنع المساعدات الإنسانية، يدعم الاحتلال بالسلاح والمال، ويتواطأ بالصمت.
إنها ازدواجية فاضحة: حين يكون القاتل ضعيفًا يُعاقب، وحين يكون القاتل قويًا مدعومًا من الغرب، يُبرر له كل شيء.
غزة: الإبادة في تفاصيلها اليومية
الأطفال: أكثر من نصف سكان غزة هم أطفال. جُرّدوا من حقهم في الحياة واللعب والتعليم. صورهم تحت الركام أصبحت أيقونة لبراءة تُذبح على مرأى العالم.
الأمهات: هنّ الجدار الأخير للحياة، لكنهن اليوم يبكين على أطفال فقدوا أو أزواج غابوا.
البنية التحتية: مدارس مدمرة، مستشفيات عاجزة، مساجد وكنائس تحولت إلى أنقاض.
الحصار: لا كهرباء، لا مياه صالحة للشرب، لا دواء، ولا أفق للحياة.
أين العالم؟
أين العالم الذي أقام الدنيا لأجل ذكرى المحرقة النازية؟
أين المحاكم الدولية التي وُجدت لتحقيق العدالة؟
أين الأمم المتحدة التي يُفترض أنها حامية السلم والأمن الدوليين؟
أين الإعلام العالمي الذي يفيض تقارير عن المحرقة، بينما يتجاهل مشاهد أطفال غزة المذبوحين؟
الشعوب الحرة: بصيص الأمل
رغم كل هذا الصمت الرسمي، تقف الشعوب الحرة في مختلف بقاع الأرض لتقول: "أنقذوا غزة".
مظاهرات تجوب الشوارع من لندن إلى نيويورك، من كيب تاون إلى جاكرتا، ترفع شعار الحرية لفلسطين. الجامعات العالمية تشهد حركات تضامن طلابية. الصحفيون الأحرار يغامرون بأرواحهم لإيصال الحقيقة.
غزة اليوم هي اختبار حقيقي للإنسانية. إذا سمح العالم أن تكتمل هذه المحرقة، فلن يبقى معنى للعدالة، ولن يكون للهولوكوست أي قيمة تعليمية أو أخلاقية. التواطؤ بالصمت هو مشاركة في الجريمة، والسكوت عن إبادة غزة يعني أننا لم نتعلم شيئًا من التاريخ.
أنقذوا غزة... أنقذوا أطفالها، أمهاتها، شيوخها، مستقبلها.
أنقذوا غزة قبل أن يكتمل مشروع الإبادة.
لقراءة المزيد عن محافظات غزة..اضغط هنا
لقراءة المزيد عن تاريخ غزة ..اضغط هنا
لقراءةالمزيد عن الحروب..اضغط هنا