يُعدّ أدب الأطفال، وخاصة القصص القصيرة، من أروع فروع الأدب العالمي التي لاقت ازدهارًا كبيرًا في القرن التاسع عشر. ورغم أن البعض يراه وسيلةً لتسلية الصغار (وأحيانًا الكبار أيضًا)، فإن آخرين يعتبرونه أداةً تعليمية تُغرس من خلالها القيم والأخلاق الحميدة.
ويُنسب الفضل في انطلاق هذا النوع الأدبي إلى الكاتب الإنجليزي جون نيوبيري (John Newbery) الذي ألّف أول كتاب مخصص للأطفال بعنوان "كتاب الجيب الجميل" (Pretty Pocket Book) عام 1744م، ليجمع بين المتعة والفائدة في آنٍ واحد.
قصة المزارع المخادع
كان هناك مزارعٌ ماكر باع بئر الماء في أرضه لجاره مقابل مبلغٍ كبير. وفي اليوم التالي، جاء المزارع الجديد ليستعمل ماء البئر، فإذا بصاحب الأرض القديم يمنعه قائلًا:
"لقد بعتك البئر، لكن الماء الذي فيه ما زال ملكي!"
تعجّب الرجل من هذا الكلام وذهب إلى القاضي يشكو الظلم الذي تعرّض له. وبعد أن استمع القاضي للقصة، استدعى المزارع المخادع وقال له:
"إن كنت تملك الماء، وجارك يملك البئر، فأخرج ماءك من بئره إذن!"
حينها أدرك المزارع الماكر أنّ حيلته انكشفت، فخجل من نفسه وتعلّم أن الخداع لا يعود إلا على صاحبه بالخسارة والندم.
العبرة: من يخدع غيره يخدع نفسه أولًا، فالحيلة لا تدوم.
قصة الدجاجة الذهبية
في مزرعةٍ صغيرة، كان يعيش مزارع وزوجته يمتلكان دجاجة ذهبية جميلة، كانت تضع لهما كل يوم بيضةً من ذهب. وبفضلها عاشا في رخاء وسعادة. لكنّ الطمع سيطر على المزارع، ففكر يومًا أن يذبح الدجاجة ليجد في بطنها كنزًا من البيض الذهبي. حاولت زوجته أن تثنيه عن فكرته، لكنه لم يُصغِ إليها.
ذبح الدجاجة، فوجد في داخلها أحشاءً عادية، لا ذهب فيها ولا كنز. جلس هو وزوجته يبكيان ندمًا على ما فعلا، فقد خسرَا دجاجتهما ومصدر رزقهما الوحيد.
العبرة: الطمع يُفقدك ما تملك، فلا تطلب أكثر مما يكفيك.
قصة الأسد والفأر الصغير
في غابةٍ كثيفة الأشجار، كان الأسدُ الملك نائمًا بسلام، حتى جاء فأر صغير يلهو بالقرب منه ويقفز فوقه، فأيقظه من نومه. أمسك الأسد الفأر بين مخالبه غاضبًا، وهمَّ أن يأكله.
صرخ الفأر بخوف:
"أرجوك أيها الملك! سامحني هذه المرة، وربما أستطيع يومًا ردَّ جميلك!"
ضحك الأسد من قوله، وأطلق سراحه ساخرًا من فكرته.
وبعد أيام، وقع الأسد في فخّ صيادين، إذ ربطوه إلى شجرة ليعودوا بعربة وينقلوه. مرّ الفأر في تلك اللحظة، ورآه مقيدًا، فأسرع يقضم الحبال بأسنانه حتى حرره.
شكر الأسد الفأر وقال بإعجاب:
"الآن علمت أن حتى الصغير يمكنه أن يصنع فرقًا كبيرًا."
العبرة: لا تستهِن بصغيرٍ أو ضعيف، فلكلٍ قدرته ومكانته.
قصة الوطن
كانت هناك عصفورتان صغيرتان تعيشان في أرضٍ قاحلة حارة في الحجاز. وذات يومٍ، جاءت نسمة ريحٍ عليلة من اليمن، فسمعت العصفورتين تتحدثان عن قسوة الحياة في موطنهما، فقالت لهما الريح:
"تعالَيَا معي إلى اليمن! هناك الماء العذب والحبوب اللذيذة والجو الجميل."
فأجابتها إحداهما بحكمة:
"يا نسمة الريح، أنتِ تسافرين كل يوم من مكانٍ لآخر، لا تعرفين معنى أن يكون للمرء وطن يحبه.
قد يكون وطننا قاسيًا وجافًا، لكنه موطننا، ولن نبدّله ولو كان غيره جنةً على الأرض."
العبرة: حبّ الوطن لا يُقاس براحته، بل بانتمائنا إليه وإخلاصنا له.