العنف الأسري... جراح لا تُرى
في كل زاوية من هذا العالم، هناك ضحية للعنف الأسري لا تُظهرها الكاميرات، ولا تروي حكايتها نشرات الأخبار. العنف لم يعد مجرد خبر عابر أو لقطة تمثيلية في مسلسل، بل أصبح واقعًا مؤلمًا يتسلل إلى البيوت ويخنق الأرواح بصمت.
هو ليس فقط اعتداء جسدي، بل قد يكون كلمة جارحة، نظرة احتقار، صمتًا مطبقًا يُميت من الداخل. فما الذي يدفع الإنسان إلى ممارسة العنف ضد أقرب الناس إليه؟ وكيف يمكننا أن نوقف هذا النزيف الصامت داخل الأسرة؟
ما هو العنف؟
العنف هو سلوك سلبي وانفعالي يتولد عن الغضب، يتحول من شعور داخلي إلى أفعال مؤذية، سواء كانت جسدية أو لفظية أو نفسية. هو لحظة انفجار للسيطرة أو التفريغ، لكنه لحظة تترك ندوباً طويلة في نفوس الضحايا، وقد تقلب حياتهم رأساً على عقب.
أسباب العنف الأُسري:
- التنشئة الخاطئة: حين يُربى الإنسان على مفاهيم مشوهة، وأفكار عدوانية، تنشأ لدية قناعات خاطئة بأن العنف هو وسيلة إثبات للسلطة أو الرجولة.
- الثأر والعار: بعض العادات والتقاليد في مجتمعاتنا العربية تُضفي “شرعية” على ممارسات عنيفة، كقضايا “غسل العار” أو الانتقام، وكأن القتل يصبح مقبولًا إذا تعلق بالشرف.
- تأثير الإعلام: مشاهد العنف المتكررة في التلفزيون والألعاب الإلكترونية تُطبع في العقل، وتُضعف الحساسية تجاه الأذى، حتى يصبح العنف سلوكًا مبررًا.
- الفقر والظلم: الأوضاع الاقتصادية الصعبة، وغياب العدالة الاجتماعية، تؤدي إلى تراكم الضغوط النفسية، فينفجر البعض عنفًا داخل أسرهم.
كيف نعالج ظاهرة العنف؟
للقضاء على العنف الأسري، لا يكفي أن تُدين الجاني أو نواسي الضحية، بل علينا أن نعمل على منظومة شاملة تتضمن:
- تربية سليمة تقوم على التسامح والحوار واحترام الآخر.
- تشريعات صارمة تردع المعتدين وتحمي أفراد الأسرة.
- دور إعلامي مسؤول يُسلّط الضوء على الأثر النفسي للعنف، ويروّج لثقافة الرفق.
- برامج دعم نفسي واجتماعي لضحايا العنف والمعتدين أيضًا لإعادة التأهيل.
في النهاية، العنف الأسري جريمة تبدأ بكلمة، ولا تنتهي إلا بانكسار، وقد يمتد صداها لأجيال قادمة.
فهل سنبقى صامتين أمام هذا الألم؟ أم نكون صوتًا يرفض القسوة… ويطالب بالرحمة؟