محمود درويش: الشاعر الوطني الفلسطيني وصوت الهوية
نسبه وميلاده ونشأته
وُلد محمود درويش في 13 مارس 1941 في قرية البروة بالقرب من عكّا في فلسطين، التي بلغت مساحة سكانها حوالي ألفين نسمة، وكان النواة الأولى لعائلة درويش التي هُجّرت في عام 1948 بعد تدمير قريتهم وتأسيس مستوطنات على أرضهم.
والده سليم درويش كان فلاحًا بسيطًا، أما والدته من قرية الدامون وكانت أُمية، بينما أخوه الأكبر أحمد اهتم بالأدب، وزكي شارك بالقصة القصيرة. هذه البيئة البسيطة لكن الغنية بالأدب أسهمت في ظهور موهبة الشاعر منذ نعومة أظفاره.
البداية في الشعر والتعليم
من مراحل الدراسة الأولى، تميز محمود درويش بالتفوق والاهتمام بالأدب. بدأ بكتابة الشعر مبكرًا، وكان الرسم من هواياته، لكنه تخلّى عنه لاحقًا لقلة الإمكانيات، فاتجه نحو الكلمة التي لا تحتاج أدوات مادية، وكتب دفاتره الصاخبة بالعواطف والحنين للوطن المنكوب رغم صغر سنّه.
أعماله وصدور دواوينه
أصدر أول دواوينه الشعرية بعنوان "عصافير بلا أجنحة" في أوائل الستينيات، وتوالت بعدها مئات القصائد التي أعادت تشكيل الشعر العربي الحديث، بما احتواه من رمزية ومجازات، وتجسيد للقضية الفلسطينية كموضوع مركزي في شعره، حيث استوحت منها جموع المثقفين والدارسين.
مسيرته الثقافية والنقدية
عمل درويش في الصحافة وحرر المقال والنقد في مجلات ثقافية عربية، وكان محررًا ومؤسسًا لمجلة "الكرمل" الأدبية التي أطلقها في بيروت عام 1981، واستمرت حتى وفاته، وتناولت قضايا الأدب والمقاومة والثقافة الفلسطينية والعربية.
الاعتقال والنفي والنشاط السياسي
اعتُقل عدة مرات في أسر بداية حياته الاحترافية بسبب كتاباته السياسية، وعاش في منفى طويل شمل بيروت، موسكو، باريس، عمّان، قبل أن يستقر في رام الله عام 1995. خلال هذه الفترة شكلت تجربته الشخصية تجربة جماعية للنكبة، المذكرات، النفي، الهوية، والانتماء.
الإنجاز السياسي والأدبي
في عام 1988 كتب إعلان الاستقلال الفلسطيني، الذي أُعلِن في الجزائر وأقرّه المجلس الوطني الفلسطيني، وقد كان له الدور المحوري في تشكيل دولة فلسطين روحياً وسياسياً.
نال العديد من الجوائز، من بينها:
1. جائزة اللوتس للأدب (1969)
2. جائزة لينين للسلام (1983)
3. وسام الفنون والآداب الفرنسية (1993)
4. جائزة لوسون للحرية الثقافية (2001)
5. جوائز عديدة من مصر، المغرب، الجزائر وتونس
شعره ومسيرته الأدبية
تميّز درويش باستخدام الرمزية والصورة الشاعرية لتمثيل الوطن المهجور، الحب، الوجود، والهُوية. جسّد في أعماله وجع اللجوء وألم الغربة، فكان شعره مرآة لفلسطين والعالم العربي، وترجمت قصائده إلى أكثر من عشرين لغة.
آخر أيامه ورحلته الأخيرة
توفي في 9 أغسطس 2008 في مدينة هيوستن (الولايات المتحدة) إثر عملية قلب مفتوح، وحُيي جنازته في رام الله والتي حضرها عشرات الآلاف من الفلسطينيين. دفن في مقبرة رام الله، ليختم قصة حياته وهو حاضر في قلب كل فلسطيني وعربي.
أهم دواوينه المتداولة
1."عصافير بلا أجنحة"
2."لا تعتذر عما فعلت"
3."على هذه الأرض ما يستحق الحياة"
أعمال نثرية مثل:
1."لماذا تركت الحصان وحيداً؟"
2. "لا شيء يعجبني".
محمود درويش ليس شاعرًا كتب بكلماته فحسب، بل ظلّ رمزًا للهوية الفلسطينية والعربية طوال حياته. جمع بين القلم والصحافة والنقد والعمل السياسي، وصنع من شعره خطابًا جماعيًا للمقاومة والحنين والوطن. مهما قرأنا منه، تبقى كلماته دعوة دائمة للحب، الصمود، والتعبير عن الحرية.