العمق والتنوع بين الماضي والحاضر
محافظات صعيد مصر
صعيد مصر، الذي يُفهم منه جغرافيًا “
الأرض المرتفعة”، يمتد من جنوب بُني سويف وحتّى بحيرة ناصر في أقصى جنوب أسوان، مترسخًا في التاريخ القديم باسم
مصر العليا، بينما تُعرف دلتا النيل باسم مصر الدنيا. مقدّمًا هويته الخاصة كلاعب
ثقافي ومركز حضاري مستقلًا عن دلتا النيل في الماضي. أهل هذه المنطقة، المعروفون بـالصعايدة، يتميزون بلهجتهم الشعرية و
الموسيقية الخاصة باللهجة الصعيدية.
التقسيم الإداري الحديث
ينقسم صعيد مصر إلى ثلاث أقاليم رئيسية:
• إقليم شمال الصعيد:
*محافظات الفيوم، بني سويف، والمنيا.
• إقليم وسط الصعيد:
محافظتي أسيوط، والوادي الجديد.
• إقليم جنوب الصعيد:
محافظات سوهاج، قنا، الأقصر، البحر الأحمر، وأسوان، إلى جانب امتداداتها الجنوبية حتى الحدود مع السودان.
كل إقليم يضم مجموعة من المحافظات التي تشترك في عوامل الجغرافيا والاقتصاد والتاريخ، مع اختلافات محلية تجعل كل محافظة متميّزة في تفاصيلها.
إقليم شمال الصعيد
1- محافظة بني سويف
تبعد نحو 120 كم جنوب القاهرة، وتمتد على مساحة قدرها 10,954 كم² (~1% من مساحة مصر).
عرفت في العصر الفرعوني باسم بو فيسيا، ولقبت بـ”لؤلؤة الصعيد”. العرب عدّلوا اسمها إلى مين فيسيا، ثم أُطلق عليها “بني يوسف” في 1527م، قبل أن تصبح “بني سويف”.
تزاول الفروكة والزراعة الخضراء والنباتات الطّبيّـة، مع وجود مناطق صحراوية زراعية متداخلة.
2- محافظة الفيوم
تقع في مفترق الدلتا والصعيد على بُعد 100 كم جنوب غرب القاهرة. بمساحة 6,069 كم² تُقسم إداريًا إلى ستة مراكز وأقضية، إضافة إلى وحدات محلية وقُرى متعددة.
تتميز بأراضٍ زراعية خضراء وبحيرات طبيعية وصحراء، مما شكل تنوعًا بيئيًا يُغني الحياة فيها.
في العصر الفرعوني، كانت تُعرف باسم مير وير (البحر العظيم). في العصر الروماني كريكوديلوبوليس، ثم أي بي يم (البحيرة)، لتتحول إلى “الفيوم” مع مرور الزمن.
3- محافظة المنيا
تمتد 121 كم على ضفاف النيل، وتشتهر بمحاصيل كالقمح، البصل، الدخن، قصب السكر، والتمر. كما تتضمن نشاطات صِنَاعَية مثل طحن القمح وحلج القطن، إلى جانب الصحراء الغربية وواحاتها الغنية بخامات الحديد.
يُعتقد أن الاسم يعود إلى الكلمة الهيروغليفية مِنعت خوفو، أو يعود إلى كلمة قبطية بمعنى “المنزل”.
إقليم وسط الصعيد
1- محافظة أسيوط
مشتق من الكلمة الفرعونية “سيوت” (الحارس)، واستفادت من موقعها كملتقى للقوافل بين مصر والسودان، مما جعلها مركزًا تجاريًا وصناعيًا هامًا.
بمساحة 25,926 كم²، تقع بين الجبال الشرقية والغربية من نهر النيل، ويحدها المنيا شمالًا وسوهاج جنوبًا.
2- محافظة الوادي الجديد
كانت تعرف منذ البداية بـ”محافظة الجنوب”، وأعيد تسميتها خلال مشروع جمال عبد الناصر عام 1958م؛ لتصبح “الوادي الجديد”، في إشارة إلى إقامة وادٍ صناعي موازٍ لوادي النيل في الصحراء الغربية لغرض تخفيف الكثافة السكانية.
-
الأهمية الأثرية والجغرافية:
تضم آثارًا من عصور متعددة وتقع ضمن حدود جغرافية استراتيجية، تتوسط الأرض بين ليبيا والسودان، ويحدها المنيا والجيزة ومرسى مطروح من الشمال، وأسيوط وسوهاج وقنا والأقصر وأسوان من الشرق.
إقليم جنوب الصعيد
1- محافظة قنا
تزخر بالثروات الطبيعية:زراعية ومعدنية وأراضٍ قابلة للاستصلاح، وتضم مواقع أثرية تاريخية.
عرفت عند الفراعنة باسم “شابت”، وفي العهد العربي بـ”أقني”، ومنها اشتُق اسمها الحالي.
2- محافظة الأقصر
تُعد من أغنى مدن العالم بالآثار؛ إذ تحتوي على سدس آثار العالم وثلث آثار مصر، مثل معبد الكرنك، مقابر وادي الملوك، ومعبد حتشبسوت.
تقع على بُعد نحو 670 كم جنوب القاهرة، وتُعد مركزًا ثقافيًا وسياحيًا بارزًا.
3- محافظة أسوان
تُعتبر من أقدم مدن وادي النيل التي استوطنها الإنسان منذ أكثر من 7,000 سنة، وتضم آثارًا مثل معبد أبو سمبل، المسلة الناقصة، والمتحف النوبي.
-
الموقع والدور الجيو-سياسي:
تبعد 879 كم عن القاهرة، وهي آخر محافظة في الجنوب المصري، وتُعرف بكونها “بوابة إفريقيا”.
4- محافظة سوهاج
أراضيها الزراعية تربض على الغربية من النيل، ويعمل أغلب سكانها في
الزراعة (القطن، قصب السكر، القمح، البصل). وتشتهر بكثافتها السكانية وثراء آثارها الفرعونية والقبطية.
في أوائل عام 2019، اكتُشفت مقبرة بطلمية بمنطقة الدايابات تضم مومياء وهياكل حيوانية وأدوات دفن، وهي تُعد من أهم الاكتشافات الأثرية في المحافظة حديثًا.
5- محافظة البحر الأحمر
تغطي مساحة ضخمة (حوالي 119,000 كم²، نحو 12.5% من مساحة مصر)، وتمتد على ساحل البحر الأحمر من الشرق، وتقف جبالها من الغرب شِرْوَحًا لوادي النيل.
تحظى بشهرة سياحية عالمية، وبموارد اقتصادية متعددة تشمل: الرخام، الفوسفات، النفط، الحديد، والنحاس.
الهوية المشتركة: الصعيد في الحاضر
يتمتع صعيد مصر بخصوصية جغرافية بين النيل والجبال، و
تراث ثقافي غني متعدد العصور، من الفرعونية مرورًا ب
الإسلامية وحتى العصر الحديث. هو نسيج اجتماعي متنوع، وغالبية الاقتصاد فيه يصبّ في النشاطات الزراعية ومصادر الطاقة والتعدين والسياحة الثقافية. ويُعَدّ مكسبًا استراتيجيًا لارتباطه بحدود جنوبية هامة تنتهج التنمية المتوازنة
هما معاً؛ ممّا ساهم في تشكيل رابط بين صعيد مصر؛ المعروف باسم مصر العُليا، والدّلتا؛ المعروف باسم مصر الدُنيا.