تحديثات الأخبار

في قريةٍ نائية يلفّها الغموض، وتنتشر بين أزقتها الحكايات العجيبة، عاشت الطفلة جانيت ذات الأعوام السبعة. لم تكن تعلم أن حياتها ستتغير إلى الأبد بعد أن تحدّت قصص الجدّات حول نهر الخوف، ذلك المكان الذي يحمل أسرارًا لا يجرؤ أحد على الاقتراب منها بعد غروب الشمس.

بداية الحكاية

بدأت قصة جانيت حين خرجت ذات مساءٍ مع والديها إلى ضفاف نهرٍ يمرّ غرب القرية. كان أهل القرية يروون قصصًا مرعبة عن هذا النهر، إذ يقولون إن من يبقى بجانبه بعد غروب الشمس، سيصيبه أمرٌ خارق للطبيعة. لم تصدّق جانيت تلك الحكايات، فقررت في لحظة فضولٍ أن تختبرها بنفسها.

جلست قرب النهر وهي تضحك متحدّية الظلام، وفجأة بدأ سطح الماء بالاهتزاز، لتظهر من بين الأمواج كائنات زرقاء لامعة بعينين تفيض منهما الرأفة والغموض. لم تشعر جانيت بالخوف، بل بالدهشة، فقد أحاط بها الكائن الأزرق برفق، ثم رفعها عاليًا بيديه الكثيرة كأنه يريد اللعب معها. ضحكت الطفلة ببراءة، بينما خلق الكائن نافورةً مائية جلسَت فوقها وهي تضحك بلا توقف.

قبل أن يختفي الكائن في عمق النهر، أومأ لها أن تعود في اليوم التالي بعد الغروب، لكنها لم تفعل، وظلت تلك الليلة تتذكر المشهد الغريب بخليطٍ من السعادة والخوف.

التحوّل الغامض

في صباح اليوم التالي، استيقظت جانيت لتكتشف أن شيئًا غير طبيعي يحدث لجسدها؛ فقد بدأت أذناها تكبران كل صباحٍ وتعودان إلى طبيعتهما مساءً، كما صار شعرها يضيء في الظلام! أخفت الطفلة سرّها خوفًا من سخرية زملائها وأمها، لكنها لم تعد قادرة على التكيّف مع غرابة ما يجري.

كانت تقضي الساعات في السرداب تستمتع بضوء خصلات شعرها وهي تتراقص، وتغرق في نوبات ضحك هستيرية لا تنتهي، وكأن النهر ترك بداخلها سحرًا لا يُفك.

العودة إلى النهر

بعد أسابيع، قررت جانيت العودة إلى نهر الخوف. أقنعت والدتها بأنها ذاهبة إلى حفلة عيد ميلاد صديقتها القريبة من النهر، وجلست هناك تنتظر غروب الشمس.

ومع أول خيطٍ من الظلام، بدأ النهر يتحرك مجددًا، وخرج منه الكائن الأزرق ليلاعبها كما في المرة السابقة. لكن فجأة، سمعا خطوات رجلٍ مسنّ يقترب بخطى بطيئة. اختبأت جانيت خلف شجرة، فيما عاد الكائن إلى هيئة الماء. جلس العجوز على حافة النهر، وبدأ يبكي بحرقة، مناديًا أرواح من فقدهم غرقًا في المكان نفسه.

اهتز قلب جانيت حزنًا، وقبل أن تتحرك، ارتفع الماء فجأة، وظهر الكائن من جديد، ليبتلع الرجل العجوز في لحظةٍ خاطفة! شهقت الطفلة رعبًا، وهربت باكيةً إلى المنزل، وقد تبدّد سحر النهر في قلبها إلى خوفٍ دائمٍ لا يُمحى.

النهاية: الخلاص من اللعنة

في اليوم التالي، لاحظت الأم أذني ابنتها تتضخمان بشكل غريب. وبعد أن باحت جانيت بسرّها، قررت الأم اصطحابها إلى أحد "المبروكين" في القرية. قام الرجل بطقوسٍ غريبة لطرد لعنة النهر عنها، ونامت الطفلة بعدها ثلاثة أيامٍ متواصلة.

وعندما استيقظت، عادت إلى طبيعتها، واختفى كل أثرٍ للسحر، حتى ذاكرتها عن ما جرى. لم تتذكر النهر ولا الكائن الأزرق، وكأن كل ما حدث كان حلمًا عابرًا في ليلةٍ غامضة من ليالي القرية القديمة.

الدروس المستفادة من القصة

  1. الفضول قد يقود الإنسان إلى ما لا يُتوقّع.
  2. ليس كل ما يُروى من حكاياتٍ خرافية خالٍ من الحقيقة.
  3. على الأطفال طاعة أهلهم وعدم المغامرة في أماكن مجهولة.
  4. الخيال يُمكن أن يحمل رسائل تربوية مهمة للأطفال.