حين نزف الحبر دمًا… شهداء الصحافة في فلسطين
.
حين نزف الحبر دمًا… شهداء الصحافة في فلسطين
في فلسطين، لا يكتفي الاحتلال بسرقة الأرض، بل يمد يده إلى الحقيقة نفسها، يحاول أن يطفئ نورها، فيستهدف من يحملها. الحرب الأخيرة على غزة، منذ أكتوبر 2023، حوّلت الصحافة من مهنة الكلمة والصورة إلى ممر ضيق بين الحياة والموت.
كانوا يعرفون أن الكاميرا لن تحميهم، وأن الخوذة قد تصبح شاهدًا على رحيلهم، لكنهم ظلوا يقفون في قلب العاصفة، لأنهم مؤمنون أن “الصمت موت آخر”.
أرقام تحمل وجعًا لا يُحصى
منذ بداية الحرب، ارتقى أكثر من 230 صحفيًا وصحفية في فلسطين، معظمهم في قطاع غزة، في أكبر مجزرة تشهدها المهنة منذ أن بدأ العالم توثيق دماء الصحفيين.
منهم من استشهد وهو يبث آخر مشهد، ومنهم من غادر الحياة تحت أنقاض منزله، يحمل حلمًا لم يكتمل.
وجوه لا تُنسى
• أنس الشريف، مراسل الجزيرة الذي صار صوته نبضًا لجباليا، قُتل وهو يغطي قصفًا قرب مستشفى الشفاء، تاركًا وراءه عشرات التقارير التي أصبحت وثائق للتاريخ.
• هشام شبات، المصور الذي التقط الحياة وسط الموت، قبل أن تتوقف كاميرته للأبد.
• حسن صليح، الذي كتب بدمه آخر خبر عن مدينته المحاصرة.
أبعد من الخبر
هؤلاء لم يكونوا مجرد ناقلين للحدث، كانوا شهودًا على الحقيقة، شهودًا على الألم، وعلى صمود شعب لا ينكسر. رحلوا وأعينهم مفتوحة، وكأنهم يقولون: “انظروا… لا تنسوا”.
هؤلاء الذين رحلوا، لم يكونوا مجرد أرقام أو أخبار منسية. كل واحد منهم كان جسرًا إلى إنسانية متهالكة، صوتًا لكل من لا صوت له، وبقائهم في الميدان رغم الخطر أمرٌ لنتمثّل من خلاله معنى الحرية.
دماؤهم رسائل بالخنجر إلى قلوب الأحياء: “انقلوا الحقيقة، ساعدوا على كشف المأساة، حتى وإن قتلنا”. ليرحلوا، وتظل كلماتهم الحية شاهدة على أن الصحافة، رغم القصف، لا تُقمع—بحرارة دمهم تجدد الحبر
الوصية الأخيرة
دماء شهداء الصحافة هي عهد بأن تبقى الحقيقة حرة، وأن تظل قصص غزة وفلسطين حاضرة، مهما طال الليل. في كل صورة تركوها، وكل كلمة سجلوها، يعيش وعدهم بأن الاحتلال قد يقتل الجسد، لكنه لا يقتل الرسالة