تُعدّ القدس عاصمة فلسطين، وإحدى المدن الحضارية والمقدسة الهامة. تقع حالياً في الجهة الجنوبية من جبال الخليل، والشمالية من جبال نابلس، وتمتدّ شرقاً باتجاه البحر الأبيض المتوسط. ويصل ارتفاعها عن سطح البحر إلى نحو 775 مترًا.
عُرفت القدس منذ تأسيسها بعدّة أسماء؛ حيث سُمّيت “يبوس” نسبةً إلى اليبوسيّين، ثمّ في عام 1049 ق.م في عهد النبي داود -عليه السلام- سُمّيت “مدينة داود”. وفي عام 559 ق.م، أُطلق عليها اسم “أورسالم” أثناء حكم البابليين، وبعد وصول الإسكندر الأكبر إليها في عام 332 ق.م، عُرفت باسم “يروشاليم”. وعندما دخلها المسلمون، عُرفت باسمَي “القدس” و”بيت المقدس”، وفي العهد العثماني أُطلق عليها “القدس الشريف”.
جغرافيا مدينة القدس
تتميّز مدينة القدس بموقع جغرافيّ مهم، إذ تُشكّل مركزًا حيويًّا يربط بين عدة طرق تجارية. تقع في وسط الأراضي الفلسطينية، على تلال صخرية، وقد أُسّست على أربع مرتفعات تحيط بها مجموعة من الأودية. وتشمل المرتفعات: جبل موريا الذي أُقيم عليه الحرم الشريف، وجبل صهيون، وجبل أكرا الذي بُنيت عليه كنيسة القيامة، وجبل بزيتا. ومن الأودية المحيطة بها: وادي هنوم في الجهة الشرقية، ووادي قدرون في الجهة الغربية.
وتنقسم أراضي القدس إلى قسمين رئيسيين:
- القدس الشرقية: وتُعرف بالمدينة القديمة، وتحتوي على معالم دينية وأثرية هامة مثل المسجد الأقصى وكنيسة القيامة.
- القدس الغربية: وتُعرف بالمدينة الحديثة، وتضم مناطق سكنية ومعالم معاصرة.
تاريخ مدينة القدس
مرّت القدس بعدّة مراحل تاريخية ساهمت في تشكيل ملامحها الحضارية، إذ سكنها الكنعانيّون العرب من قبيلة اليبوسيّين الذين أطلقوا عليها اسم “يبوس”. بين القرنين السادس عشر والرابع عشر قبل الميلاد، سيطر الفراعنة على المدينة، وفي عهد الملك أخناتون تعرّضت لهجمات من قبائل “الخابيرو”، ولم تعُد إلى الحكم الفرعوني إلّا في عهد الملك سيتي الأول.
أصبح النبي داود -عليه السلام- ملكًا على الأرض المقدسة، ويُقال إنه سيطر على القدس عام 1000 أو 977 ق.م، واستمر حكمه أربعين سنة، ثم تولّى الحكم بعده ابنه النبي سليمان -عليه السلام- لمدة 33 سنة. وبعد وفاته، انقسمت مملكته وضعفت، وسيطر الآشوريون على فلسطين، ثم استولى البابليون على القدس عام 586 ق.م وسبوا اليهود. لكن اليهود عادوا بعد 45 سنة، حين غزا الفرس بابل. وعلى الرغم من وجودهم المتقطع في فلسطين، إلا أن هذا الوجود اتّسم بعدم الاستقرار والاضطرابات ولم تكن لهم سيادة دائمة فيها.
فيما بعد، خضعت فلسطين للحكم اليوناني بقيادة الإسكندر المقدوني عام 333 ق.م، ثم تعاقب عليها البطالمة، والمصريون، والسلوقيون. وبعد الميلاد، أصبحت القدس تحت الحكم الروماني من عام 63 ق.م حتى 636 م، عندما دخلها القائد بومبيوس الروماني، وصارت جزءًا من الإمبراطورية الرومانية، وشهدت في تلك الفترة أحداثًا تاريخية مهمة.
الفتح الإسلامي للقدس
دخلها الحكم الإسلامي في عام 636 أو 638 م، بقيادة الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، الذي وقّع مع أهلها المسيحيين “العهدة العمرية”، التي كفلت لهم الحرية الدينية.
تاريخ القدس في العصور الوسطى
احتلّ الصليبيون القدس عام 1099م، بعد خمسة قرون من الحكم الإسلامي، وفي عام 1187م استعادها القائد صلاح الدين الأيوبي بعد معركة حطّين. لكن الصليبيين عاودوا السيطرة عليها بعد رحيله، حتى تمكن نجم الدين أيوب من استعادتها عام 1244م.
تاريخ القدس الحديث
توالى على حكم القدس كلٌ من المماليك والعثمانيين، حتى احتلّها البريطانيون عام 1917م ضمن فترة الانتداب التي استمرت حتى 1948م، وشهدت إصدار “وعد بلفور” الذي شجّع على هجرة اليهود إلى فلسطين، ما أدى إلى تغييرات ديموغرافية كبيرة. وبعد انتهاء الانتداب، احتلت العصابات الصهيونية أجزاء من المدينة، وفي عام 1967م أكملت قوات الاحتلال الصهيوني سيطرتها على كامل القدس.