حرارة الصيف وإهمال الصيانة أزمة الكهرباء تتفاقم واحتراق المحولات أبرز الشواهد
حرارة الصيف وإهمال الصيانة
أزمة الكهرباء تتفاقم واحتراق المحولات أبرز الشواهد
مع اشتداد حرارة الصيف وارتفاع درجات الحرارة بشكل غير مسبوق، باتت معاناة المواطنين مع ضعف التيار الكهربائي والانقطاعات المتكررة جزءًا من حياتهم اليومية في الضفة الغربية. هذه الأزمة لم تعد مجرّد أعطال فنية عابرة، بل تحوّلت إلى حالة مزمنة تُرهق السكان وتحدّ من أبسط تفاصيل معيشتهم.
ولعل حادثة احتراق محول كهرباء في بيت لحم مؤخرًا شكّلت دليلاً ملموسًا على أن المشكلة أعمق من مجرد "ضغط زائد"، إذ كشفت عن ثغرات كبيرة في التخطيط والإدارة والصيانة تتحمل شركات الكهرباء جانبًا كبيرًا من مسؤوليتها.
تعود أزمة الكهرباء في فلسطين إلى مجموعة من العوامل المتداخلة، أبرزها:
· غياب الصيانة الدورية: شبكات الكهرباء في كثير من المدن تعاني من الإهمال، فالمحولات والمولدات والكابلات قديمة ومتهالكة ولم تُحدّث لمواكبة الطلب المتزايد، مما يجعلها عرضة للتلف عند أي ضغط إضافي.
· سوء التخطيط: الاعتماد على خطط قديمة لا تواكب النمو السكاني والتوسع العمراني أدى إلى غياب محولات إضافية أو تطوير كافٍ للشبكة، ما وضع ضغطًا هائلًا على البنية التحتية القائمة.
· ضعف الرقابة على الاستهلاك: الانتشار الواسع لسرقة الكهرباء يزيد من الضغط على الشبكة ويؤثر سلبًا على استقرارها، وهو ما يكشف ضعف آليات الرقابة والردع.
· تأثير الحرارة على المحولات: ارتفاع درجات الحرارة يزيد الضغط على المحولات، خصوصًا القديمة منها أو تلك التي لم تخضع لصيانة منتظمة، فتكون أكثر عرضة للتلف أو حتى الاحتراق.
حادثة بيت لحم: عرض لمشكلة أعمق
احتراق المحول في بيت لحم جاء نتيجة مباشرة لاجتماع الاستهلاك الزائد مع الحرارة المرتفعة، ليكشف هشاشة البنية التحتية الكهربائية وعدم جاهزيتها لمواجهة الضغوط. وهذه الحادثة ليست استثناءً، بل مؤشر على أزمة مزمنة تمتد لتشمل معظم مناطق الضفة الغربية.
أزمة قطاع الكهرباء في فلسطين: جذور معقدة
ناقش معهد "ماس" خلال طاولة مستديرة أبعاد أزمة الكهرباء، وخلصت النقاشات إلى أنها ليست مقتصرة على شركة كهرباء القدس وحدها، بل تعود إلى عوامل أعمق، منها:
· تراكم الديون على الهيئات المحلية.
· ارتفاع نسبة الفاقد الكهربائي بسبب السرقات.
· غياب القوانين الرادعة وضعف إنفاذها.
· ابتزاز الاحتلال الإسرائيلي وتهديده المستمر بقطع الكهرباء، إضافة إلى تعقيدات الديون المتبادلة بين شركة كهرباء القدس، والسلطة الفلسطينية، والشركة الإسرائيلية.
ورغم أن المخيمات ليست السبب الرئيس للأزمة، إلا أن مسألة تحمّل الحكومة لفواتيرها تثير نقاشات حول العدالة الاجتماعية وضرورة إيجاد حلول عادلة ومستدامة.
نحو حل جذري لا يحتمل التأجيل
أزمة الكهرباء في فلسطين لم تعد تحتمل الحلول المؤقتة أو المعالجات الجزئية. فالمطلوب اليوم خطة إصلاح شاملة تتضمن:
· معالجة الديون المتراكمة.
· تحديث البنية التحتية وتوسيع الشبكة.
· فرض قوانين رادعة على السرقات والتجاوزات.
· تحسين الكفاءة الإدارية لشركات الكهرباء.
فاستقرار التيار الكهربائي لم يعد رفاهية، بل ضرورة أساسية لاستمرار الحياة اليومية وتلبية الاحتياجات المتزايدة لمجتمع يطمح للتطور والنمو.
إن أزمة الكهرباء في فلسطين ليست مجرد أعطال موسمية أو تأثير لحرارة الصيف، بل نتيجة تراكمات من الإهمال وسوء التخطيط والديون والسرقات، إضافة إلى ضغوط الاحتلال المستمرة. وما حادثة احتراق المحول في بيت لحم إلا جرس إنذار يؤكد أن الحلول الترقيعية لم تعد مجدية، وأن المطلوب هو إصلاح جذري وشامل يضمن استقرار التيار الكهربائي كحق أساسي لا يمكن الاستغناء عنه.
المصدر: سيرين مارينا بوست