تحذير على أطراف المعركة: رئيس الأركان الإسرائيلي يحذّر… وقطر تطالب بـ «معاقبة إسرائيل»
تحذير على أطراف المعركة: رئيس الأركان الإسرائيلي يحذّر… وقطر تطالب بـ «معاقبة إسرائيل»
في تطور يضيف طبقة جديدة من التعقيد إلى الصراع في غزة، خرج رئيس أركان الجيش الإسرائيلي ليحذّر من أن توسيع العمليات العسكرية داخل القطاع لا يهدّد فقط المدنيين والبنى التحتية، بل قد يعرض حياة الرهائن التي لا تزال محتجزة للخطر. في المقابل، اتخذت الدوحة موقفًا صارمًا نادَت فيه المجتمع الدولي بوقف "ازدواجية المعايير" ووجّهت دعوة واضحة إلى "معاقبة إسرائيل" على خلفية هجمات استهدفت قيادات فلسطينية وأمامها خطوات دبلوماسية واسعة في المحافل العربية والإسلامية.
الرسالة من قيادة الجيش الإسرائيلية كانت عملية ومباشرة: أي تصعيد بري أوسع داخل الكثافات السكانية في غزة قد يرفع خطر تعرض الرهائن للضرر أو الوفاة، سواء نتيجة القتال المباشر أو التفخيخ والاحتجاز داخل أحياء مكتظة. هذا التحذير ليس جديدًا بالكامل فقد كرّرو سابقًا خشيتهم من أن عمليات عسكرية واسعة قد تلغي أي فرصة لتبادلٍ آمن أو مفاوضات تفضي إلى عودة أسرى أحياء إلى ذويهم. لكن توقيت التصريح وبحوثه العسكرية حول التوازن بين أهداف الأمن القومي وخطر فقدان رهائن يضع صانعي القرار أمام معادلة سياسية - عسكرية صعبة.
من جانبها، لم تتردد قطر الوسيط التقليدي والمستضيف لدفعاتٍ من المفاوضات في تحويل الغضب إلى خطاب سياسي قوي، حيث طالب رئيس وزرائها ووزير خارجيتها المجتمع الدولي بوقف "الازدواجية" ومعاقبة إسرائيل على ما وُصف بـ "الاعتداءات التي تهدّد الوساطات وتُنقِض جهود السلام". دعا القادة العرب والإسلاميون إلى إجتماعات طارئة في الدوحة، فيما اتسمت لهجة الدبلوماسية القطرية بالتصعيد القانوني والدعوة لمساءلة دولية. هذا الموقف أعاد إحياء النقاش حول حدود الوساطة، وبين مَن يُحمَّل مسؤولية فشل أو تعقّد مسارات التفاوض.
ما بين تحذيرات قائد الأركان ومطالبات الدوحة يكمن سؤال عملي وأخلاقي: كيف تُدار الحرب حين تكون أرواح رهائن مواطنين وقيم الوساطة والدبلوماسية على المحك؟ المسؤولون العسكريون يرون إلى حد بعيد أن العمليات الحضرية الواسعة قد تجرّ حروب عصابات مطوّلة وتزيد الخسائر من الطرفين؛ بينما الحكومات والمجتمعات المتأثرة بالهجوم الأصلي تضغط لاستكمال الهدف العسكري ومعاقبة من تعتبرهم متورطين. النتيجة، عمليًا، هي انقسام في المسارات: طريق عسكري قد يكون مكلفًا بشريًا وسياسيًا، وطريق دبلوماسي يواجه اختبارًا في القوة والفاعلية.
للجمهور والرهائن وأسرهم، هذه المعادلة تعني أيامًا إضافية من الانتظار والقلق. كل تصريحٍ عسكري، وكل قرار سياسي في العواصم الإقليمية أو في مجلس الأمن، يمكن أن يؤثر مباشرة في تفاهمات الإفراج أو في مخاطر المواجهة. وهذا يضع على عاتق الوسطاء بمن فيهم قطر ومصر والأمم المتحدة — مهمة معقدة: بناء مسارات آمنة للتهدئة وإيجاد ضمانات عملية لحماية الرهائن قبل أي توسع عسكري.
صراع الخيارات
التحذيرات المتبادلة التي نراها اليوم ليست مجرد تبادل كلامي؛ هي انعكاس لصراع أعمق بين منطق الحرب ومنطق حفظ الأرواح والدبلوماسية. إذا أراد المجتمع الدولي فعلاً كبح دائرة التصعيد فإنه يحتاج إلى مزيج من الضغوط الدبلوماسية الواضحة، آليات رقابة على العمليات العسكرية، وضمانات ملموسة لحماية الرهائن. وإلا فستبقى التحذيرات تحوم فوق ساحات القتال، والنداءات بخصوص "معاقبة" أو "محاسبة" الأطراف تتصاعد دون أن تُقدّم بالضرورة لإيجاد حلولًا تحمي من يهمّنا حفاظهم "البشر على جانبي الصراع".