"نادي الأطفال".. حضن آمن يعيد للطفولة بهجتها
في عالم تتزاحم فيه المؤثرات وتزداد فيه الضغوط على الصغار قبل الكبار، بات من الضروري خلق مساحات آمنة تتيح للطفل أن يكون طفلًا؛ يضحك، يلعب، ويعبر عمّا بداخله دون خوف أو تقييد. ومن هذا الإيمان العميق، وُلدت مبادرة "نادي الأطفال" لتكون حضنًا دافئًا يلامس أعماق الطفولة، ويُعيد ترتيب العلاقة بين الطفل ونفسه، وبين الطفل ومحيطه.
جاء تنفيذ هذا النادي النوعي بمبادرة ورؤية من الأستاذة خلود قراعين، المتخصصة في العمل الاجتماعي والدعم النفسي للأطفال، والتي سخّرت خبرتها ومهاراتها لتصميم مساحة تراعي احتياجات الطفل العاطفية والنفسية. وقد وضعت الأستاذة خلود نصب عينيها هدفًا واضحًا: توفير بيئة يشعر فيها الطفل بأنه مرئي، مسموع، ومحبوب دون قيد أو شرط.
وبفضل إشرافها المباشر، تبلورت رؤية النادي لتتحول من فكرة إلى واقع فعّال يخاطب وجدان الطفل ويمنحه حقه في الطفولة الآمنة.
- في وجه الضغوط.. المساحة الآمنة ضرورة
تشير دراسات حديثة في علم النفس التربوي إلى أن الأطفال اليوم يواجهون تحديات نفسية لم تعهدها الأجيال السابقة، بفعل عوامل متعددة كالتوتر الأسري، وضغوط الدراسة، والانعزال الرقمي، وغيرها. وفي ظل غياب المساحات الآمنة، تتراكم هذه الضغوط داخل الطفل وتؤثر على سلوكه وعلاقاته ومزاجه العام.
من هنا جاءت فكرة "نادي الأطفال" لتكون أكثر من مجرد مساحة ترفيه، بل مركزًا عاطفيًا يعيد التوازن لمشاعر الطفل، ويفتح له نافذة جديدة على العالم من خلال أساليب تربوية داعمة.
في النادي، تُقابل ضحكة الطفل باهتمام، وتُستقبل دموعه برفق، وتُصغى كلماته بإنصات. صُممت هذه المساحة لتدمج بين الترفيه والدعم العاطفي، بطريقة تراعي مشاعر الطفل وتُنمّي قدراته على التعبير، الحضور، والتواصل.
- أنشطة تُغذّي القلب والعقل
ويقدّم النادي برامج متكاملة تشمل:
فعاليات ترفيهية حركية وفنية تهدف إلى تنمية المهارات الاجتماعية والذهنية من خلال اللعب الجماعي، الفنون، والألعاب الحركية.
جلسات دعم عاطفي ولعب علاجي تُنفّذ على أيدي مختصات في الإرشاد النفسي، حيث يُمنح الطفل أدوات جديدة لفهم مشاعره والتعامل معها بطريقة صحية.
ورشات تعبيرية تتيح للأطفال استخدام الرسم، اللعب، القصة، والدراما كوسائل لفهم الذات والتعبير عنها بطرق حرة وآمنة.
في إحدى الزوايا، جلست طفلة في الثامنة ترسم مشاعرها دون أن تقول كلمة واحدة. بعد بضعة لقاءات، بدأت تبتسم وتتحدث وتشارك في الأنشطة. تقول إحدى المرشدات: "الطفل لا يحتاج دائمًا إلى أسئلة مباشرة، بل إلى من يصغي لما بين السطور.. إلى من يرى الألم في رسمة، أو يسمعه في لعبة".
- دور الأهل: الشراكة لا التلقي
إحدى نقاط قوة "نادي الأطفال" تكمن في إشراك الأهل كجزء فاعل في العملية. فليس الهدف فقط دعم الطفل داخل الجلسة، بل خلق تواصل تربوي مستمر مع العائلة، عبر مجموعة تفاعلية تُشارك فيها النصائح، الصور، الملاحظات، ومصادر دعم تعزز من العلاقة الأبوية وتدعم استقرار الطفل في بيئته اليومية.
- كلمة من القائمين على المشروع"
نحن لا نعد المعجزات، لكننا نؤمن بأن كل طفل، مهما كانت ظروفه، يمكن أن يُزهر إذا زُرع في بيئة صحيّة وآمنة. نحن هنا لنرى، نسمع، ونحبّ دون شروط"، تقول الأستاذة خلود قراعين، صاحبة المبادرة، التي أكدت أن الطفل لا يحتاج إلى الكثير من الأدوات بقدر حاجته إلى من يمنحه شعورًا بالقبول والحب.
ينطلق "نادي الأطفال" من إيمان عميق بأن كل طفل يستحق أن يُرى، ويُسمع، ويُحبّ كما هو، دون شروط أو أحكام. لذلك يسعى النادي لأن يكون بيتًا ثانيًا، يشبه دفء البيت الحقيقي، ويمنح كل طفل الحق بأن يكون نفسه، دون أقنعة أو توقعات تفوق عمره.
في "نادي الأطفال"، لا تُقاس النجاحات بالأرقام، بل بالابتسامات الصغيرة، والعيون التي تستعيد بريقها، والأرواح التي تعافت بهدوء. هو أكثر من مشروع.. هو وعدٌ لكل طفل بأن الطفولة حق لا يُنتزع، وأن الحب والأمان يمكن أن يكونا البداية لكل تغيير.