تحديثات الأخبار

يُعدّ قوم ثمود من أبرز الأمم التي ذكرت في القرآن الكريم، وقد عاشوا في منطقة الحِجر الواقعة بين تبوك والحجاز في الجزيرة العربية. تميزت حضارتهم بالقوة والعمران، إذ نحتوا بيوتهم في الجبال، لكنهم عبدوا الأصنام وابتعدوا عن عبادة الله. فأرسل الله إليهم نبيه صالحًا عليه السلام ليدعوهم إلى التوحيد، ويُحذرهم من الشرك وعواقبه.

حضارة قوم ثمود:

كانت ثمود من الأمم العربية البائدة، وقد وهبهم الله ذكاءً وقوةً مكّنتهم من نحت القصور في الصخور، كما قال تعالى:

"وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ" (سورة الشعراء: 149)

لكن مع ذلك، قابلوا نعم الله بالكفر، وعبدوا الأوثان من دون الله، فبعث الله فيهم نبيًا منهم صالحًا عليه السلام.

معجزة النبي صالح: ناقة الله

طلب قوم ثمود من صالح عليه السلام أن يأتيهم بآية تدل على صدقه، فدعا الله أن يُخرج لهم ناقة من الصخر، فاستجاب الله له، فكانت معجزة عظيمة.
خرجت الناقة العشراء (الحامل) من الصخر أمام أعينهم، وكانت تشرب من الماء يومًا، ويشربون هم في اليوم التالي، كما قال تعالى:

"هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ"
(سورة الأعراف: 73)

كانت الناقة تُدرّ لبنًا وفيرًا يكفي جميع أفراد القبيلة، ولكن الكبر والعناد دفع بعضهم إلى قتل الناقة رغم تحذير نبيهم.

اتفاق ثمود على قتل النبي صالح:

بعد أن قتلوا الناقة، خافوا من انتقام الله، فتآمروا على قتل صالح عليه السلام وأهله، ليُخفوا جريمتهم.
قال تعالى:

*"قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ"
(سورة النمل: 49)

لكن الله تعالى أفشل مكرهم وأنزل عليهم العذاب، فهلكوا جميعًا بالصيحة.

عاقبة قوم صالح:

بعد قتلهم الناقة، أخبرهم النبي صالح بأن عذاب الله سيأتيهم بعد ثلاثة أيام، كما قال الله تعالى:

"فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ۖ ذَٰلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ" (سورة هود: 65)

وقد ظهرت عليهم علامات العذاب يومًا بعد يوم؛ فكانت وجوههم تصفرّ، ثم تحمرّ، ثم تسودّ.
وفي اليوم الرابع جاءت الصيحة من السماء، فهلكوا جميعًا في ديارهم، كما قال الله تعالى:

"وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ" (سورة هود: 67)

العبرة من قصة النبي صالح وقوم ثمود:

  1. أن الإيمان بالله وحده هو طريق النجاة.
  2. أن الاستكبار والعناد سبب للهلاك.
  3. أن الآيات والمعجزات لا تنفع من لا يملك قلبًا مؤمنًا.
  4. أن الصبر والدعوة بالحكمة منهج الأنبياء في مواجهة أقوامهم.
  5. قصة قوم النبي صالح عليه السلام تذكّرنا بأن النعم تتحول إلى نقم إن كُفرت، وأن الله يُمهل ولا يُهمل. فالمؤمن يتعظ بآيات الله في الكون، ويزداد خشوعًا حين يسمع قصص من مضوا، ليعتبر ويتوب.

المراجع:

  1. القرآن الكريم – سور: هود، الأعراف، الشعراء، النمل، القمر.

  2. تفسير ابن كثير – قصة صالح وثمود.

  3. الطبري، جامع البيان عن تأويل آي القرآن – تفسير آيات الناقة.

  4. القرطبي، الجامع لأحكام القرآن – تفسير قصة صالح وثمود.

  5. صحيح البخاري – كتاب أحاديث الأنبياء، باب حديث صالح عليه السلام.