تحديثات الأخبار

بدايات المسلمين مع البحر

في بدايات الدعوة الإسلامية، كان البحر عالمًا غامضًا بالنسبة للمسلمين، الذين اعتادوا التنقل برًّا لفتح البلدان ونشر الإسلام فيها، رغم قرب بعض تلك المناطق من الطرق البحرية.
ولم تكن لدى المسلمين آنذاك معرفة كافية بصناعة السفن أو خوض المعارك في البحر، مما جعلهم يعتمدون في البداية على الفتوحات البرية. لكن مع اتساع رقعة الدولة الإسلامية في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وفتح بلاد الشام ومصر والعراق وطرابلس، أصبح من الضروري حماية السواحل الإسلامية من هجمات البيزنطيين البحرية. فبدأ المسلمون بتحصين المدن الساحلية، وتعيين الحراس على أبراج المراقبة، وهي الخطوة الأولى في تاريخ اهتمام المسلمين بالقوة البحرية.

وفي عهد الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه، أمر الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان ببناء أول أسطول بحري إسلامي لفتح قبرص، فكانت تلك نقطة التحول في تاريخ الفتوحات البحرية. ومن بين من شاركوا في هذا الفتح امرأة عظيمة لقبت بشهيدة البحر.

شهيدة البحر: أم حرام بنت ملحان رضي الله عنها

هي الصحابية الجليلة أم حرام بنت ملحان من بني النجار، خالة الصحابي الجليل أنس بن مالك، وزوجة الصحابي عبادة بن الصامت رضي الله عنهما. ركبت البحر سنة 23 هـ مع زوجها وعدد من الصحابة، ضمن الحملة البحرية الأولى التي توجهت إلى قبرص لنشر الإسلام، محققة بذلك بشارة نبوية عظيمة.

فقد روى أن النبي ﷺ زارها يومًا، فنام عندها واستيقظ مبتسمًا، فقالت له:

ما يضحكك يا رسول الله؟
فقال:
«ناس من أمتي عرضوا عليّ غزاة في سبيل الله يركبون ثبج هذا البحر ملوكًا على الأسرة أو مثل الملوك على الأسرة».
فقالت:
يا رسول الله، ادعُ الله أن يجعلني منهم.
فقال ﷺ:
«أنت من الأولين».
(رواه البخاري ومسلم)

وبعد فتح قبرص ومكوث المسلمين فيها لتعليم الناس الدين، وبينما كانت أم حرام تستعد للعودة إلى المدينة، سقطت عن بغلتها وتوفيت شهيدة، وعمرها ست وثمانون سنة، فكانت أول شهيدة في البحر، ولقبت بـ شهيدة البحر رضي الله عنها.

صفات أم حرام بنت ملحان رضي الله عنها

  • شجاعة وإقدام نادران، يتجليان في رغبتها الصادقة بالمشاركة في الجهاد البحري رغم صعوبته.
  • علم وفقه وحكمة، إذ كانت من النساء الراويات عن رسول الله ﷺ، ونقل عنها أنس بن مالك أحاديث نبوية.
  • إيمان راسخ وتضحية في سبيل الله، ما جعلها نموذجًا خالدًا في تاريخ الصحابيات المجاهدات.

إسلامها ومكانتها

كانت أم حرام من أوائل من أسلموا من الأنصار في المدينة المنورة. فقد عرض النبي ﷺ نفسه على القبائل في موسم الحج، فآمن به حرام بن ملحان (أخوها) وعبادة بن الصامت (زوجها)، وكانت هي وأختها أم سليم من أوائل النساء اللاتي دخلن الإسلام.
وشهدت الدعوة الإسلامية منذ بدايتها في المدينة، وساهمت في نشر تعاليم الإسلام بين نساء الأنصار.

المراجع

صحيح البخاري، كتاب الجهاد، باب غزوة النساء في البحر.

صحيح مسلم، كتاب الإمارة، حديث أم حرام بنت ملحان.

ابن الأثير، أسد الغابة في معرفة الصحابة.

ابن حجر العسقلاني، الإصابة في تمييز الصحابة.

موقع مارينا بوست: من هي شهيدة البحر؟