تحديثات الأخبار

الليرة… الدينار… أم الشيكل؟ لماذا لا نملك عملة وطنية حتى اليوم؟

في كل دولة في العالم، تُعدّ العملة رمزًا من رموز السيادة والهوية الوطنية، وهي أكثر من مجرد وسيلة للتبادل.

لكن في فلسطين، وعلى الرغم من وجود سلطة، ومؤسسات، ونظام مصرفي، إلا أن المحفظة اليومية للمواطن تحتوي على ثلاث عملات على الأقل: الشيكل الإسرائيلي، الدينار الأردني، والدولار الأمريكي.

النتيجة؟ واقع نقدي معقّد، يُربك المواطن، ويخلق تحديات اقتصادية كبيرة.

 

واقع يومي غريب:

أن تشتري بالشيكل وتدفع الإيجار بالدولار وتقبض راتبك بالدينار، يبدو أمرًا غير منطقيًا في أي دولة أخرى، لكنه حقيقة يومية في فلسطين.

هذا التعدد في العملات يجعل حتى أبسط العمليات اليومية مثل التسعير، والادخار، والتوفير، مسألة تتطلب حسابًا دائمًا لتقلبات الصرف.

فما السبب؟ ولماذا حتى الآن لا توجد عملة فلسطينية موحدة؟

 

الأسباب الاقتصادية وراء غياب العملة الوطنية:

أول ما قد يخطر في البال هو السبب السياسي، لكن دعنا نبتعد عنه قليلًا، ونركز على الأسباب الاقتصادية والواقعية:

1.    الاعتماد على الاقتصاد الإسرائيلي:

أكثر من 80٪ من التبادل التجاري الفلسطيني يتم مع إسرائيل، وهذا يجعل الشيكل هو العملة الأكثر استخدامًا في التعاملات اليومية.

2.    عدم استقرار الاقتصاد الفلسطيني:

لإنشاء عملة وطنية، تحتاج الدولة إلى احتياطي نقدي قوي، وغطاء من الذهب أو العملات الأجنبية، إضافة إلى اقتصاد متماسك ومستقل، وهي شروط يصعب توفرها في الوقت الحالي.

3.    التضخم والسيولة:

إصدار عملة دون بنية اقتصادية قوية قد يؤدي إلى تضخم كبير وانخفاض في قيمة العملة، كما حصل في تجارب عدة حول العالم.

4.    تعدد العملات كحل عملي مؤقت:

استخدام عدة عملات يمنح السوق مرونة. على سبيل المثال، أسعار العقارات والإيجارات تُحتسب بالدولار أو الدينار، بينما المواد الغذائية غالبًا ما تُسعّر بالشيكل، وهذا التوزيع يُخفف من تقلبات أسعار الصرف على المواطن.

 هل وجود عملة وطنية مهم؟

نعم، لكن ليس فقط كشكل رمزي. وجود عملة وطنية يعني:

·        إمكانية التحكم بالسياسة النقدية (مثل الفائدة، التضخم، عرض النقود).

·        استقلالية اقتصادية في مواجهة الأزمات.

·        تقوية الهوية الاقتصادية والثقة في النظام المالي المحلي.

ولكن في المقابل، وجود عملة من دون قدرة حقيقية على إدارتها سيكون عبئًا على الاقتصاد بدلًا من أن يكون رافعة له.

 

ماذا عن الحلول الحالية؟

البنك المركزي الفلسطيني (سلطة النقد) يقوم بدور تنظيمي مهم، ويوجه النظام المالي بنجاح نسبي، رغم غياب العملة.

كما أن بعض المؤسسات المالية بدأت في تطوير أنظمة دفع إلكترونية ومحافظ رقمية، للتقليل من آثار تعدد العملات على الحياة اليومية.

 

خلاصة إعلامية:

غياب العملة الفلسطينية ليس مجرد غياب ورقة نقد، بل هو تجسيد لواقع اقتصادي معقد ومتشابك.

وبينما يُعد إصدار العملة خطوة مهمة، إلا أنه يجب أن يكون مدروسًا، ومبنيًا على أرضية اقتصادية صلبة، لا على الحلم فقط.

 

في النهاية، العملة ليست مجرد “فلوس”، بل هي ثقة، واقتصاد، واستقرار.

وحين تنضج الظروف الاقتصادية، يمكن أن تكون الخطوة الأولى نحو تأسيس نظام نقدي فلسطيني متكامل، بغض النظر عن السياق السياسي.

 

عن الناشر

ناشر/ة في موقع مارينا بوست

اسم الناشر/ة عندليب دعامسة

17/7