في السنوات الأخيرة، تحوّلت دبي إلى مركز ضخم لنجوم السوشال ميديا والفنانين العرب والأجانب، حيث أصبحت "عاصمة المشاهير" بفضل بيئتها الاقتصادية والسياحية الجاذبة. لكن في المقابل، بدأت تظهر موجات من المقاطعة الشعبية ضد بعض هؤلاء المشاهير، سواء عبر حملات في وسائل التواصل الاجتماعي أو عزوف عن متابعة محتواهم. هذه الظاهرة لم تأتِ من فراغ، بل لها أسباب اجتماعية واقتصادية وثقافية واضحة.

أولًا: أسباب مقاطعة المشاهير في دبي.

1. المبالغة في استعراض الرفاهية:

الكثير من مؤثري دبي يعتمدون في محتواهم على عرض السيارات الفارهة، اليخوت، الماركات العالمية، والفلل الفخمة. هذا الأسلوب قد يجذب فئة محددة، لكنه في نفس الوقت يثير نفور شرائح واسعة من الجمهور العربي الذي يعاني من أزمات اقتصادية.

النتيجة : يهتم المتابعون هؤلاء المشاهير بالانفصال عن الواقع والمعاناة اليومية للناس

2. التسويق المبالغ فيه (Over Marketing):

معظم مشاهير دبي يعتمدون على الإعلانات كوسيلة أساسية للربح، مما يجعل محتواهم تجاريًا أكثر من كونه طبيعيًا.

أمثلة: الترويج لمطاعم، عطور، أو منتجات بأسلوب متكرر ومبالغ فيه.

السبب في المقاطعة: الجمهور بدأ يشعر بأن المتابع يُعامَل كـ "زبون" فقط، وليس كجمهور يستحق محتوى هادف.

3. القضايا الإنسانية والسياسية:

خلال الأزمات الإنسانية، خصوصًا حرب غزة الأخيرة، اتُّهم العديد من مشاهير دبي بالصمت أو بتجنّب إبداء مواقف واضحة. في ظل تزايد وعي الجمهور، اعتُبر هذا الصمت مشاركة سلبية، ما دفع إلى دعوات مقاطعتهم تحت هاشتاغات مثل #Blockout2024 و"قائمة المقاطعة".

السبب: الجمهور بات يطالب المؤثرين باستخدام شهرتهم من أجل قضايا إنسانية، لا مجرد الترفيه.

4. الإساءة للقيم أو العادات:

أحيانًا ينشر بعض المؤثرين محتوى يُعتبر مسيئًا للمجتمع العربي أو يتجاوز الخطوط الحمراء، مثل الملابس المثيرة في فعاليات عامة أو التطرق لمواضيع حساسة.

هذا يؤدي إلى ردود فعل سريعة عبر السوشال ميديا ودعوات للمقاطعة.

5. الإشاعات والجدل:

الكثير من مشاهير دبي يرتبطون بأزمات مفتعلة أو إشاعات حول حياتهم الخاصة، ما يثير ضجة مؤقتة. لكن مع تكرار هذه "الفضائح"، يشعر الجمهور بالملل ويقرر التوقف عن متابعتهم.

ثانيًا: أشكال المقاطعة:

1. إلغاء المتابعة (Unfollow): خطوة مباشرة يقوم بها الجمهور للتعبير عن الرفض.
2. الحظر الجماعي (Block): انتشرت خاصة مع الحملات العالمية مثل Blockout 2024.
3. مقاطعة العلامات التجارية المرتبطة بهم: حيث يرفض المستهلك شراء المنتجات التي يروج لها المشاهير.
4. الحملات التفاعلية: عبر تويتر، تيك توك، وإنستاجرام، حيث تنتشر القوائم السوداء للمؤثرين.

ثالثًا: التأثيرات على المشاهير:

1. فقدان عقود إعلانية: بعض الشركات لا ترغب بالارتباط بأسماء مثيرة للجدل.
2. خسارة في المتابعين: آلاف وربما ملايين من المتابعين يختفون خلال أيام.
3. إعادة تموضع: بعض النجوم يضطرون لتغيير محتواهم ليصبح أكثر وعيًا أو توازنًا.

مقاطعة المشاهير في دبي ليست مجرد موجة عابرة، بل انعكاس لوعي جماهيري جديد يريد أن يرى من المؤثرين أكثر من مجرد مظاهر فخمة وإعلانات تجارية. الجمهور بات يبحث عن المصداقية، المواقف الإنسانية، والالتصاق بالواقع. ومن لا يستوعب هذا التغير، يواجه خطر العزلة الرقمية، حتى لو كان يعيش في مدينة بحجم دبي.