"عاد بخفيّ حُنين"… مثل شعبي وقصة لا تُنسى
كثيراً ما نسمع في حياتنا اليومية من يردًد: "رجع بخُفّي حُنين"، تعبيراً عن الفشل أو الخيبة بعد محاولة لم تُثمر عن شيء. قد يُقال هذا المثل عند العودة من صفقة تجارية خاسرة، أو مقابلة لم تُكلّل بالنجاح، أو حتى من محاولة لم تُدار بحكمة. ولكن، خلف هذه العبارة الشعبية المتداولة قصة واقعية تختصر الحكمة في مشهد درامي من الماضي. .
قصة ضيف إبراهيم.. حين يزورك الملائكة وانت لا تعلم
من هو حُنين؟
كان حُنين رجلاً بارعًا في صنع الأحذية، يعيش في مدينة الحيرة العراقية، ويُعرف بإتقان صنعته وسمعته الواسعة. وفي يومٍ ما، توقّف أعرابي يركب بعيرًا أمام دكانه. دخل الرجل يتفحّص الأحذية ويتظاهر بالاهتمام، ثم بدأ يساوم على أحد الخفّين دون نيّة جدية للشراء، مستهلكًا وقت حُنين الثمين دون مقابل. وبعد طول جدال واتفاق، انسحب الأعرابي دون أن يشتري شيئًا، تاركًا حُنينًا غاضبًا وقد خسر زبائن ذلك اليوم.
خطة انتقام لا تُصدّق
غضب حُنين، لا لأنه لم يبع، بل لأن تصرّف الأعرابي كان استخفافًا بمجهوده. فقرّر أن يُلقّن هذا المتذاكي درسًا لا يُنسى. سلك طريقًا مختصرًا، وسبق الأعرابي إلى الأمام، ووضع أحد خفّيه على جانب الطريق، وعلى مسافة منه وضع الآخر، ثم اختبأ يراقب.
عندما مرّ الأعرابي ورأى الخف الأول، تردّد وقال: “يبدو كأنه من خفاف حُنين، لكن ما حاجتي بخفٍ واحد؟” ومضى في طريقه. وبعد أمتار، صادف الخف الثاني، فتأكد أنهما خفّا حُنين وقال: “سأعود لآخذ الأول وأجمعهما”. وضع دابته في مكان الخف الثاني، وعاد راجلاً للأول.
وهنا كانت الضربة، خرج حُنين من مخبئه، أخذ الدابة وهرب. وعندما عاد الأعرابي لم يجدها، فعاد إلى أهله خائبًا، فسألوه عمّا جلبه من سفره، فأجاب ساخرًا: “أحضرت لكم خُفيّ حُنين”.
المعنى الأعمق للمثل
منذ ذلك الحين، أصبحت عبارة “عاد بخُفّي حُنين” رمزًا للفشل والرجوع صفر اليدين. لكنها لا تعني الفشل فقط، بل تشير أيضًا إلى سوء التصرّف، ضعف الحنكة، وقلة التقدير للفرص. فلو كان الأعرابي أكثر وعيًا، لما ترك دابته دون حذر، ولربما لاحق اللص أو تصرف بشكلٍ أذكى.
في بُعد آخر، يُمكن أيضًا اعتبار هذا المثل رمزًا لفقدان الأمل بسهولة. فعندما لم يجد الأعرابي دابته، لم يبحث طويلًا ولم يحاول، بل استسلم سريعًا للخيبة وعاد مهزومًا، وهو ما يشبه كثيرًا من حالات التراجع التي نعيشها اليوم حين نُخفق في أوّل تجربة فننسحب، دون أن نعيد المحاولة.