حادثة الدكتورة بان زياد… جدل لا يهدأ بين الرواية الرسمية وصرخة الشارع
حادثة الدكتورة بان زياد… جدل لا يهدأ بين الرواية الرسمية وصرخة الشارع
في الرابع من أغسطس 2025، اهتزت البصرة على وقع خبر وفاة الدكتورة بان زياد طارق، الطبيبة النفسية المعروفة، داخل منزلها. ورغم أن البيان الأولي أشار إلى أنها "أقدمت على الانتحار"، إلا أن تفاصيل الحادثة سرعان ما تحولت إلى قضية رأي عام أشعلت الشارع العراقي وأثارت جدلًا واسعًا حول العدالة والشفافية.
التحقيقات الرسمية
أعلن مجلس القضاء الأعلى، بعد سلسلة من التحقيقات، أن وفاة الدكتورة بان زياد ناتجة عن انتحار، مستندًا في ذلك إلى عدة أدلة أبرزها
- · تحليل خط اليد لعبارة "أريد الله" التي وُجدت مكتوبة بالدم داخل حمام منزلها
- · رسائل نصية وتسجيلات صوتية أرسلتها قبل ساعات من وفاتها، عبّرت فيها عن معاناتها مع مرض نفسي حاد وشعورها بالإنهاك من الحياة.
- · كما بيّنت تقارير الطب الشرعي أن الجروح الموجودة في ساعديها كانت متعمدة بهدف إحداث نزيف داخلي، بينما الإصابات الأخرى التي ظهرت على جسدها وقعت بعد الوفاة ولم تكن ذات أثر حيوي.
رغم ذلك، ظهرت عدة علامات استفهام، منها:
- · وجود علامات خنق على رقبتها وكدمات على وجهها وجسدها، مما يثير تساؤلات حول احتمال تعرضها لاعتداء.
- · تعطيل كاميرات المراقبة في المنزل قبل وبعد الحادثة، ما يعيق التحقيقات.
- · تأخر في الإبلاغ عن الحادثة وتنظيف أجزاء من مسرح الجريمة قبل وصول المحققين.
ردود فعل الجماهير
أثارت نتائج التحقيق الرسمية موجة غضب شعبي واسع، حيث رفض الكثير من العراقيين رواية الانتحار، وخرجت احتجاجات في بغداد والبصرة وعدة مدن أخرى تطالب بكشف الحقيقة عبر لجنة مستقلة وشفافة، معتبرين أن القضية تمثل أكثر من مجرد حادثة شخصية، بل تعكس أزمة ثقة عميقة بين الشارع والمؤسسات القضائية. وتحولت وفاة الدكتورة بان إلى رمز للغضب ضد العنف الموجه للنساء، وصارت صرخة مجتمع يطالب بالعدالة والإنصاف، في وقت يخشى فيه كثيرون من أن تُطوى القضية سريعًا مثل قضايا سابقة دون محاسبة أو كشف كامل للملابسات.
كما حدث مع إسراء غريب الشابة الفلسطينية التي توفيت بعد سقوطها من شرفة منزلها وسط شبهات قوية بتعرضها للضرب والتعذيب على يد بعض أفراد عائلتها. كشفت التحقيقات الطبية عن وجود كدمات وإصابات متعددة على جسدها، وأكدت النيابة العامة أن سبب الوفاة هو قصور حاد في الجهاز التنفسي نتيجة الإصابات. أثارت وفاة إسراء الغريب غضبًا واسعًا في فلسطين والعالم العربي، وأدى ذلك إلى حملات شعبية ونشاطات على مواقع التواصل الاجتماعي للمطالبة بالعدالة ومحاسبة الجناة، وتسليط الضوء على العنف ضد النساء وضرورة حماية حقوقهن.
تبقى حادثة الدكتورة بان زياد معلّقة بين رواية رسمية تؤكد الانتحار وصوت شارع يصرخ بالشك والرفض بينما تُصر السلطات على أن الوفاة انتحار، لتتحول من مأساة فردية إلى قضية رأي عام تعكس حجم أزمة العدالة والثقة في العراق وتصاعد الغضب من العنف الموّجه ضد النساء. فبين مطالبات بالتحقيق المستقل وخوف من طي الملف دون إجابات، تظل القضية علامة فارقة تفتح الباب واسعًا أمام تساؤلات أكبر حول واقع المرأة، وشفافية القضاء، ومستقبل العدالة في بلد لا يزال يبحث عن الحقيقة. تستدعي هذه القضية مراجعة شاملة للمنظومة القضائية والأمنية في العراق لضمان تحقيق العدالة وحماية حقوق الأفراد.
عندليب دعامسة
ناشر/ة في موقع مارينا بوست
25/8/2025