تحديثات الأخبار

 الغربة داخل الوطن… شعور لن يفهمه إلا من عاشه

 

الغربة ليست دائمًا سفرًا بعيدًا وراء الحدود ولا اغترابًا عن الأهل والبلاد، أحيانًا تكون الغربة أعمق وأقسى حين نسكن بين جدران الوطن لكن نشعر أننا غرباء فيه. إنها غربة لا يراها الآخرون بسهولة، لكنها تنهش الروح بصمت، وتترك الإنسان ممزقًا بين مكان ينتمي إليه جسدًا، لكنه يرفضه شعورًا وانتماءً.

 

معنى الغربة داخل الوطن

 

الغربة داخل الوطن هي أن تعيش بين ناسك ولكن لا تجد نفسك بينهم، أن تتنفس هواء مدينتك لكن تشعر أن كل شيء فيها يضيق بك هي أن ترى وطنك يبتعد عن أحلامك، أو أن تشعر أن قيمك ومبادئك لم تعد تجد مكانها في واقع حياتك.

 

هي أيضًا أن تفقد صوتك وسط ضجيج من لا يفهمونك، أو أن تبحث عن حضن الأمان فلا تجده حتى في أقرب الناس هي أن تكون حاضرًا بجسدك، غائبًا بروحك، كأنك عابر سبيل في بيتك.

 

أسبــاب الغربة داخل الوطن

 

الظروف السياسية والاجتماعية: حين يتحول الوطن إلى مكان مليء بالظلم أو القهر أو التهميش، يشعر الفرد أنه غريب في أرضه.

 

الاختلاف الفكري أو الثقافي: عندما يعيش الإنسان في بيئة لا تشبه أفكاره ولا تعترف بآرائه، يبدأ بالانعزال داخليًا.

 

الفقر والحرمان: حين يرى المرء أحلامه تتبخر بسبب ظروف اقتصادية قاسية، يشعر أنه غير قادر على تحقيق ذاته في وطنه.

 

غياب العدالة والأمان: الغربة تتجذر حين يغيب الإحساس بالعدل، ويصبح المواطن مجرد رقم في طابور طويل.

 

 

انعكاساتها النفسية والاجتماعية

 

الغربة داخل الوطن ليست شعورًا عابرًا، بل حالة تؤثر في نظرة الإنسان لنفسه وللعالم. يعيش الفرد صراعًا داخليًا بين حبه لأرضه وبين إحساسه بأن هذه الأرض لم تعد تحميه. وقد تؤدي هذه الغربة إلى:

 

فقدان الانتماء الحقيقي.

 

عزلة وانطواء على الذات.

 

هجرة داخلية صامتة، حيث يعيش الجسد في مكان، بينما تهاجر الروح بعيدًا شعور دائم باللاجدوى واليأس.

 

بين الألم والأمل

 

ورغم قسوة هذا الشعور، يبقى الأمل حاضرًا فالغربة داخل الوطن قد تكون دافعًا للتغيير، وصوتًا يذكّرنا أن الأوطان ليست مجرد أرض، بل قيم وعدل وكرامة. قد تكون بداية وعي جديد، وإصرار على أن يتحول هذا الوطن إلى مكان يتسع للجميع.

الغربة داخل الوطن جرح لا يراه إلا صاحبه، وصرخة صامتة بوجه الواقع لن يفهمها من يعيش مستقرًا ومطمئنًا، بل من ذاق طعم الاغتراب وهو بين أهله وأرضه.