تحديثات الأخبار

كشفت صحيفة واشنطن بوست عن تقرير سري أعدّه مكتب المفتش العام في وزارة الخارجية الأميركية، خلص إلى أن الجيش الإسرائيلي ارتكبت "المئات من جرائم الحرب في غزة.

وأوضحت الصحيفة أن التقرير أنجز قبل أيام من التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، مشيرة إلى أنه يحتوى على مئات الانتهاكات الموثقة للجيش الإسرائيلي في غزة والتي لا ترغب الخارجية الأمريكية بالإفصاح عنها.

وافتتحت الصحيفة تقريها بالقول: "على الرغم من أن الهدنة ما تزال قائمة، إلا أن غزة تعرضت الثلاثاء الماضي لغارات عنيفة شنها سلاح الجو الإسرائيلي ردا على مقتل أحد جنودها، أسفرت عن مقتل أكثر من 104 فلسطينيين".

وتساءلت الصحيفة: "كيف ستتعاطى واشنطن مع التقرير في ظل قوانين "ليهي"، التي تعتبر من القيم العسكرية الأمريكية" التي تحظر على الولايات المتحدة تقديم مساعدات عسكرية لدول أجنبية مدانة بارتكاب جرائم حرب؟" . مشيرة إلى أنه منذ هجوم حماس في 07 أكتوبر 2023، وعلى مدى عامين، ارتكب الجيش الإسرائيلي الكثير من الفظائع، وزهقت أرواح أكثر من 70 ألف فلسطيني.  

وسلطت الصحيفة الضوء على مقتل سبعة عمال من منظمة "المطبخ العالمي"، في أبريل/ نيسان 2024، ومجزرة شاحنات المساعدات على مداخل غزة، التي أسفرت عن مقتل أكثر من 100 فلسطيني وإصابة نحو 760 آخرين، في فبراير/شباط من العام ذاته.

والملفت أن إدارة الرئيس الأمريكي السابق، "جو بايدن" كانت قد أشارت إلى هاتين الحادثتين في تقريرها إلى الكونغرس العام الماضي، قائلة إنها لم تتوصل بعد لاستنتاجات نهائية حول استخدام الجيش الإسرائيلي أسلحة أمريكية فيهما.

كما تطرقت الصحيقة للانتقادات التي تعرضت لها إدارة بايدن على ضوء رفضها تعليق الدعم العسكري للجيش الإسرائيلي لتورطه بارتكاب انتهاكات جسيمة بحق المدنيين، من بينها التسبب يوفاة المسن عمر أسعد (78 عاماً)، وهو فلسطيني يحمل الجنسية الأمريكية ويسكن في مدينة "ميلواكي"، توفي بنوبة قلبية بعد أن قيّد واحتجز في أحد أقبية الحواجز العسكرية الإسرائيلية بالضفة الغربية عام 2022.

وعلى الرغم من أن الجنود الإسرائيليين الذين تعاملوا معه بقسوة تسببت بوفاته لم يعاقبوا جنائيا، إلا أن واشنطن اعتبرت أن تسريحهم من الجيش، إجراءً كافياً.

وأشارت الصحيفة إلى أن واشنطن تقدم لإسرائيل مساعدات عسكرية بما لا يقل عن ثلاثة مليارات دولار سنويا، إضافة إلى عشرات المليارات التي تلقتها خلال السنوات الأخيرة، ما يجعلها أكبر المستفيدين من المساعدات الأميركية في العالم.

وأوضحت، أن التحقيقات الأمريكية في الانتهاكات المرتكبة من قبل جيوش أجنبية تتلقى مساعدات أميركية تمر عبر بروتوكولات محددة، أهمها "قوانين ليهي"، إلا أن إسرائيل تحظى بنظام خاص يمنحها معاملة تفضيلية مقارنة بغيرها من الدول، مشيرة إلى أن ما يعرف بـ"لجنة التدقيق بقوانين ليهي" الخاصة بإسرائيل تحديدا، تضم مسؤولين أمريكيين رفيعي المستوى وتستغرق إجراءاتها التحقيقية وقتا طويلا".

وعلى خلاف الدول الأخرى التي يمكن تجميد مساعداتها بناء على اعتراض أحد أعضاء اللجنة، يتطلب الأمر في حالة إسرائيل إجماعا كاملا لجميع أعضاء اللجنة، بارتكابها انتهاك جسيم لحقوق الإنسان.
ووفقا للصحيفة، فإن هذه اللجنة تضم ممثلين عن السفارة الأميركية في القدس ومكتب شؤون الشرق الأدنى، وهما جهتان تعرفان بتأييدهما ودعمهما الدائم لإسرائيل.

وتعليقا على التقرير، قال "جوش بول"، المسؤول السابق في الخارجية الأميركية، "إن النظام البيروقراطي المعقد يؤدي دائما إلى نتيجة واحدة: أن الولايات المتحدة لم تجمد في يوم من الأيام، أي مساعدة عسكرية لإسرائيل رغم ثبوت إدانتها بارتكاب جرائم حرب".

 وأشارت الصحيفة، إلى أن التقرير السري للخارجية الأمريكية يعمّق الجدل داخل الولايات المتحدة حول تورط البيت الأبيض بشكل غير مباشر في انتهاكات الجيش الإسرائيلي ضد حقوق الإنسان، من خلال استمرار الدعم المالي والعسكري دون مساءلة حقيقية.

ووفقا للصحيفة، فإن مسؤولين أمريكيين رفضا الكشف عن هويتهما، أكدا أن واشنطن قد تضطر لطي الصفحة وإغلاق هذا الملف تحت تأثير اللوبيات الداعمة لإسرائيل.

من جهته رفض مكتب المفتش العام في الخارجية الأمريكية التعليق على التقرير، لكنه أقرّ بوجوده على موقعه الرسمي، مكتفيا بالقول: "إن محتواه سري للغاية ولا يمكن عرض تفاصيله للعامة".
وحظي تقرير الواشنطن بوست باهتمام آلاف القراء، وطالب الكثيرون منهم في قسم التعليقات بضرورة نشره كاملا على الملأ، باعتباره وثيقة تمس القيم والمبادئ التي تدّعي الولايات المتحدة الدفاع عنها.