مأساة في ليلة شتوية: حينما يتحول الغضب الى جريمة لا تُغتفر
في مساء شتوي بارد، عاد أحمد الى بيته متأخراً كعادته. صعد الدرج بخطوات ثقيلة، يحمل على كتفيه هّم الأيام وقسوة الواقع. عند باب شقته، أدخل المفتاح بهدوء، حريصاً ألا يُزعج طفليه النائمين. لكنه لم يكن يتوقع ما سيواجهه في الداخل.
فتح الباب، فاستقبلته عتمة خانقة وسكون غريب. مد يده الى مفتاح الإضاءة، وما ان ضغط عليه حتى تجمد الدم في عروقه. كان المشهد كابوسياً بكل ما تحمله الكلمة من معنى: الدماء تلطخ الأرض والجدران، وزوجته "هدى" ممددة قرب الأريكة، ساكنة بلا حركات، وطعنات السكين تنطق بما حدث.
ارتبك أحمد وتوقف عقله عن التفكير للحظات، ثم هرع نحو غرفة أطفاله. هناك، واجه فاجعة أشد قسوة: طفلته منى، ذات الثمانية أعوام، غارقة في دمائها على الأرض، وأخاها الصغير محمد، الذي لم يتجاوز الثالثة، كان ممددًا على سريره، وكأنه اختار أن يختبئ تحت الغطاء من هول ما رأى… لكن الغطاء لم يحمِه من المصير ذاته.
لم يصرخ أحمد، لم يبكِ، فقط وقف مذهولاً، يتساءل: هل هذا كابوس؟ هل هو واقع؟ وعندما استعادت روحه جزءاً من وعيها، أمسك بهاتفه واتصل بالشرطة، وبلّغ بما رأى.
وصلت الدوريات بسرعة، وبدأت التحقيقات وسط دهشة الجيران الذين تجمهروا امام المبنى. بعضهم عبّر عن حزنه، وآخرون لم يترددوا في الهمس باتهامات: "ربما هو الفاعل... ربما اكتشف خيانة ما...".
الشرطة بدأت التحقيقات وجمعت الأدلة. الجارة المقابلة أكدت أنها سمعت شجاراً وصراخاً قيل ان يغادر أحمد المنزل، وأن كل شيء هدأ فجأة. وكاميرات الحي أظهرت ان لا أحد دخل او خرج من العمارة في وقت الجريمة، سوى أحمد.
ومع استمرار الضغط، انهار أحمد، واعترف.
قال إن تراكم الديون وفقدان وظيفته جعله يعيش في توتر دائم، وإن زوجته كانت تطالبه باستمرار بتلبية احتياجات البيت والأطفال، بينما هو عاجز عن توفير شيء. وفي ذلك اليوم، اشتد النقاش، وكان الغضب أعمى، والسكين على الطاولة… ففعل ما لم يكن يتخيل يومًا أن يفعله.
قتل زوجته، ثم طارد طفليه بعد أن رأوه، فقتل منى وهي تحاول الهرب، ولم يرحم محمد رغم أنه اختبأ في سريره متخيلًا أن الغطاء سيخفيه.
تخلّص أحمد من أداة الجريمة وملابسه، وألقاها في النهر، ثم عاد ليمثّل دور الضحية… حتى انهار أمام الحقيقة.
قال وهو يبكي:
“ليتني لم أرتكبها… ليتني خرجت من المنزل في تلك اللحظة… لا أطلب الرحمة، فقط أرجو أن أنال جزائي.”
الرسالة من هذه القصة:
الغضب لحظة، لكن عواقبه قد تمتد لعمر كامل.
لا تترك مشاكلك تكبر في الظل حتى تتحول إلى كارثة. اطلب المساعدة، خذ استراحة، أو ابتعد… فالحل لا يكون أبدًا في ارتكاب جريمة لا تمحوها دموع الندم.