الزيتون في فلسطين ليس مجرد شجرة إنه رمز للهوية والصمود والتراث، وركيزة اقتصادية أساسية في حياة الفلسطينيين.
حيث تعود زراعة الزيتون في فلسطين إلى آلاف السنين، وتُعد من أقدم الزراعات في المنطقة، حيث توجد أشجار معمّرة مثل "شجرة البدوي" في بيت لحم، التي يُعتقد أن عمرها يزيد عن ألفي عام.
ارتبط الزيتون بالثقافة الفلسطينية ارتباطًا وثيقًا، ويُعتبر جزءًا من التراث الشعبي، حيث تتناقل العائلات وصفات تخليل الزيتون وقصص موسم الحصاد من جيل إلى جيل.
يوجد في فلسطين أكثر من 11 مليون شجرة زيتون، تغطي نحو 575 ألف دونم، أي ما يعادل 85% من مساحة أشجار البستنة في البلاد مما يعتبر الزيتون مصدر أساسي لكثير من الفلسطينيين .
تحتضن الضفة الغربية الغالبية العظمى من هذه الأشجار، وخاصة في محافظة جنين التي تتصدر المساحة المزروعة ويُستخدم حوالي 90% من محصول الزيتون لإنتاج زيت الزيتون، بينما يُستخدم الباقي في التخليل والصناعات التقليدية مثل الصابون.
ينتج الفلسطينيون في السنوات الجيدة نحو 33 ألف طن من زيت الزيتون، بينما ينخفض الإنتاج في السنوات الضعيفة إلى نحو 7 آلاف طن.
في الريف الفلسطيني، تُعد زراعة الزيتون نشاطًا عائليًا وثقافيًا، حيث يشارك الجميع في موسم الجني المعروف بـ"موسم الزيتون"، الذي يبدأ في أكتوبر/تشرين الأول.
الزيتون يُمثل رمزًا للصمود في وجه الاحتلال، إذ كثيرًا ما تُستهدف الأراضي المزروعة بالزيتون في الاعتداءات، لكن الفلسطينيين يواصلون العناية بها كجزء من مقاومة سلمية متجذرة في الأرض.
زيت الزيتون عنصر أساسي في المطبخ والمائدة الفلسطينية، يُستخدم في تحضير الكثير من الأطباق مثل المسخن، المقلوبة، والسلطات وغيرها الكثير .
الزيتون المكبوس والمحشو يُعد من المقبلات التقليدية التي لا تخلو منها مائدة فلسطينية.
عدا عن ذلك يدخل زيت الزيتون في الكثير من الصناعات، حيث يُستخدم في صناعة الصابون النابلسي الشهير، الذي يُعد من أقدم أنواع الصابون الطبيعي في العالم ويستخدم في صناعة منتجات العناية بالبشرة والشعر كما يدخل في الصناعات التقليدية والحرفية وصناعة العديد من الأدوية وغيرها الكثير من الصناعات.
في الختام، يُعد الزيتون وزيته من الكنوز الطبيعية التي لا تقدر بثمن، فقد شكّلا جزءًا لا يتجزأ من ثقافات الشعوب وموروثها الغذائي والطبي منذ آلاف السنين. فثمرة الزيتون ليست مجرد غذاء، بل رمز للسلام والصحة والبركة، وزيتها يُعد من أرقى الزيوت الطبيعية لما يحتويه من فوائد صحية وجمالية وصناعية. وبينما تتزايد الأبحاث العلمية التي تؤكد على قيمته الغذائية والعلاجية، يبقى الزيتون وزيته شاهدين على العلاقة العميقة بين الإنسان والطبيعة، ودعوة دائمة للعودة إلى الجذور والاعتماد على ما تجود به الأرض من خيرات.