فعاليات رمضان في الدول العربية
لا يعتبر شهر رمضان في الدول العربية فترة عبادة للصائمين فحسب، بل هو مناسبة اجتماعية وثقافية سامية. فهو مليء بالاحتفالات والتقاليد التي توحد العائلات والمجتمعات مع الأفراد وتعكس قيم التراحم والتكافل. رمضان في العالم العربي هو أكثر من مجرد أيام للصيام، فهو موسم لتجديد الروابط الاجتماعية والتركيز على العطاء وازدهار الطقوس الثقافية الخاصة بكل بلد، واستعادة أصالة الحياة. تختلف الاحتفالات والتقاليد من بلد لآخر، لكن جميع هذه المناسبات تتحد في تعزيز قيم الأخوة والمشاركة والعطاء.
في السعودية :
لرمضان في المملكة العربية السعودية نكهة روحانية واجتماعية فريدة من نوعها. ويستعد بعض السعوديين للشهر الكريم في وقت مبكر، حيث يقومون بتخزين كميات كبيرة من التمر والماء لتناولها في أي وقت. وفي الحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة، يتم تقديم الوجبات الخفيفة مثل اللفت والقهوة العربية والتمر للمصلين والزوار الذين يأتون من جميع أنحاء العالم لأداء مناسك العمرة. خلال النصف الثاني من الشهر الكريم، يزداد توافد الناس إلى الحرمين الشريفين مع تزايد أعداد القادمين إلى المملكة لأداء العمرة والتقرّب إلى الله تعالى بالدعاء. وتستمر صلاة التهجد بعد التراويح في المساجد، وجرت العادة في المملكة العربية السعودية على بث صلاة التهجد على القنوات الفضائية ليشاهدها المسلمون في جميع أنحاء العالم.
في مصر :
رمضان في مصر هو يوم مميز يُحتفل به في المدن والقرى على حد سواء. يبدأ المصريون في الاستعداد لرمضان في نهاية شهر شعبان، حيث تعج الشوارع بالحركة وتزدحم المنازل والمساجد بالتجهيزات. ومن أبرز مظاهر شهر رمضان في مصر تزيين الشوارع بالفوانيس المعلقة بين المنازل وتقنين إنارة الشوارع لإضفاء جو احتفالي في الحي. وتتنوع الفعاليات بين الوجبات الجماعية حيث يتم تقديم الإفطار للمحتاجين خلال شهر رمضان، والفعاليات الثقافية والدينية. ومن أكثر الفعاليات التقليدية شيوعًا مشهد الأطفال الذين يخرجون إلى الشوارع حاملين الفوانيس ويرددون الأغاني الرمضانية مثل ”رمضان جانا“ تعبيرًا عن الفرحة الجماعية. لا يمكن الحديث عن شهر رمضان في مصر دون ذكر الحلويات الرمضانية مثل القطايف والكنافة التي تلقى رواجًا كبيرًا في المحلات التجارية وعلى نواصي الشوارع.
في سلطنة عمان :
تتميز الاحتفالات الرمضانية في عُمان بنكهة اجتماعية ودينية فريدة من نوعها. فعند رفع الأذان، يتوجه العمانيون إلى المسجد لأداء صلاة المغرب ثم يجتمعون في منازلهم أو في الأماكن العامة لتناول الإفطار. وغالبًا ما تبدأ الوجبة الرمضانية بالفاكهة الطازجة والتمر والعصائر المحلية. وبعد الصلاة، يستمر بعض الناس في حضور الحلقات التي يناقش فيها المشايخ الموضوعات الدينية المتعلقة بشهر رمضان وفضائله. ويشمل المطبخ العماني خلال شهر رمضان العديد من الأطباق التقليدية مثل ”السريد“ و”الحارث،“ بالإضافة إلى الحلويات المحلية التي تتميز بها المنطقة. كما يتم تنظيم الأنشطة الرياضية وبطولات كرة القدم في العديد من القرى العمانية خلال الشهر الكريم.
في الكويت :
في الكويت، يُعد شهر رمضان في الكويت وقتًا للتواصل الاجتماعي والروحانيات، حيث يرتاد الناس المساجد ويكثرون من تلاوة القرآن الكريم. ويتميز المطبخ الكويتي خلال شهر رمضان بالأطباق التقليدية مثل الحارثي والتشريب والجريش المصنوعة من المكونات المحلية. وبالإضافة إلى هذه الأطباق، تشتهر الكويت أيضاً بحلوى اللقيمات اللذيذة المصنوعة من الحليب والهيل والسمن والتي تُقدم بعد الإفطار. في الكويت، تعتبر المجالس والدواوين في الكويت أماكن مفتوحة يجتمع فيها الأصدقاء والأقارب لمناقشة الحياة ومشاركة اللحظات المميزة. وفي المساء، تزدحم الأسواق في المساء بالناس الذين يتسوقون لشراء مستلزمات رمضان، كما أن السحور هو وقت التحدث مع الأحباب، مما يضفي على الأجواء الخاصة بالشهر الكريم.
في البحرين :
يجلب شهر رمضان (شهر الصيام) في البحرين روحاً متجددة من التعاون والتضامن بين أفراد المجتمع. ويزين البحرينيون منازلهم وشوارعهم بزينة خاصة برمضان، مما يضفي جواً من البهجة والسعادة على المدينة. ومع بداية شهر رمضان، تضاء المساجد وتزدحم الأسواق بالناس لشراء التمور والمكسرات والعصائر. كما يحرص الناس أيضًا على التجمع حول موائد الإفطار في المساجد والحدائق العامة، حيث يجلس الجميع على مائدة واحدة لتناول الطعام والتواصل الاجتماعي مع أسرهم وجيرانهم. ويعد الإفطار في البحرين فرصة لإظهار التعاطف مع المحتاجين، حيث يقوم الناس بتقديم الطعام للعائلات التي لا تملك ما يكفيها من الطعام. كما يقوم البحرينيون بإحياء التقاليد القديمة، مثل تنظيم حلقات السمر بعد الإفطار، حيث يجتمع الشباب في الساحات العامة للاستماع إلى قصص وأحاديث عن رمضان.
في الامارات العربية المتحدة :
في دولة الإمارات العربية المتحدة، تبدأ عادات وتقاليد شهر رمضان في شهر شعبان، قبل حلول شهر الصيام. في عشية اليوم الخامس عشر من شعبان، والمعروف باسم حق الليلة، يرتدي الأطفال الإماراتيون أفضل ما لديهم من ملابس ويتنقلون من بيت إلى بيت يغنون ويرددون الشعر، وينتظرون أطفال الحي بالحلويات والمكسرات التي يتم جمعها في أكياس مصنوعة من قماش خاص مطرز بنقوش تقليدية. في اليوم الأول من رمضان، تجتمع العائلات في منزل العائلة (عادةً ما يكون منزل الجد) لتناول الإفطار. ويعتبر التمر في الإمارات العربية المتحدة خبز الصحراء وهو المكون الأكثر استخداماً في صنع المعجنات والحلويات الإماراتية المختلفة في رمضان، مثل الأقراص وهي قطع صغيرة من الخبز الممزوج بالتمر والهيل. ومن الأطباق المعروفة الأخرى التي يشيع تناولها في البيوت الإماراتية خلال شهر رمضان: ”الحارث“ و”السلاطة“. يعد مدفع رمضان في الإمارات العربية المتحدة أحد أبرز الفعاليات التقليدية في الشهر الكريم. يمكن سماع صوت المدفع على بعد 8-10 كم. ويُعد المدفع بمثابة تذكير بأوقات الإفطار والإمساك اليومية، ويُطلق المدفع في أنحاء مختلفة من البلاد. وقد تكرر هذا التقليد منذ القرن التاسع عشر، في عهد الأب المؤسس الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.
في الاردن :
شهر رمضان المبارك هو شهر الصيام والعبادة والتسامح ومناسبة سعيدة في الأردن. شهر رمضان في الأردن هو موسم للضيافة والتواصل الاجتماعي، حيث يتم تنظيم العديد من الفعاليات الثقافية التي تساهم في تعزيز أواصر المحبة بين أفراد المجتمع. ”الأمسيات الرمضانية هي إحدى الفعاليات الشعبية التي يحرص الأردنيون على إحيائها خلال الشهر، حيث يجتمع الناس في الأماكن العامة للاستمتاع بالأغاني والقصائد التراثية احتفالاً بشهر رمضان. تقام هذه الأمسيات عادةً في الهواء الطلق وتضفي جواً من البهجة والروح الرمضانية التي تجمع مختلف الأجيال.
في العراق :
يتسم شهر رمضان في العراق بطابع فريد من نوعه، حيث تمارس العائلات العراقية طقوساً قديمة. تبدأ الاستعدادات لشهر رمضان قبل أسابيع من حلول الشهر الكريم، حيث يذهب العراقيون إلى الأسواق المحلية لشراء مستلزمات رمضان. ومن أشهر الأطباق التي يحضرها العراقيون خلال شهر رمضان الأرز ومرق الشوربة والكباب المشوي والكباب المتنوع. وبعد صلاة العشاء، يجتمع العراقيون في المساجد والمنازل لتناول الحلويات الرمضانية مثل البقلاوة والزرابية. كما تتجمع العديد من العائلات في أسواق بغداد، مثل سوق الشورجة لتأمين الطعام والحلويات.
في لبنان :
شهر رمضان في لبنان هو وقت الاحتفالات العائلية والمجتمعية. تتزين الشوارع بالزينة الملونة ويجتمع الناس في المساجد لأداء صلاة التراويح. تُعد الأطباق الرمضانية اللبنانية جزءًا لا يتجزأ من الأجواء الرمضانية، مثل الفتوش مع الخس والطماطم والخيار وجميع أنواع الحساء. وتتمثل الحلويات الرمضانية اللبنانية بشكل أساسي في الكلاج والشعيبيات والأرز بالحليب التي تزين مائدة الإفطار. كما يشتهر اللبنانيون بالاحتفال بالشهر الفضيل بعد الإفطار في المساجد والتجمعات العائلية حيث يتم تبادل التهاني.
في فلسطين :
على الرغم من الأوضاع الصعبة التي يواجهها الفلسطينيون، لا يزال شهر رمضان فرصة للتواصل مع العائلة والأصدقاء في جو من الإيمان والروحانية. يمكن رؤية حشود من المصلين في المساجد والمنازل الفلسطينية وهم يؤدون صلاة التراويح، كما تتزاور عائلات الأحياء فيما بينها لتبادل الإفطار. أشهر الأكلات الفلسطينية في رمضان هي المخلوبة التي تتكون من الأرز واللحم مع الخضراوات مثل الباذنجان والزهرة. كما تُعد القطايف والكنافة التي يتم إعدادها بالطرق التقليدية من الأطباق الأساسية على مائدة الإفطار الفلسطينية.
في المغرب :
على الرغم من الظروف الصعبة التي يواجهها الفلسطينيون، لا يزال شهر رمضان فرصة للتواصل مع العائلة والأصدقاء في جو من الإيمان والروحانية. ويمكن رؤية أعداد كبيرة من المصلين وهم يؤدون صلاة التراويح في المساجد والمنازل الفلسطينية، كما تتزاور العائلات المتجاورة فيما بينها لتناول الإفطار. الطبق الفلسطيني الأكثر شعبية خلال شهر رمضان هو المقلوبة التي تتكون من الأرز واللحم مع الخضراوات مثل الباذنجان والزارة. كما تعد القطايف والكنافة التي يتم إعدادها بالطرق التقليدية من الأطباق الأساسية في الإفطار الفلسطيني.