تحديثات الأخبار

لست كاتبًا كبيرًا، ولا أستاذًا في الفلسفة أو السياسة،

أنا مجرد إنسان، يعيش على هذا الكوكب، يشهد ما يحدث، ويتساءل:

لماذا أصبحت الحدود أقوى من الرحمة؟

لماذا صارت الخطوط على الخرائط، هي من تُحدد من يستحق الحياة، ومن يُترك خلف الأسلاك؟

أكتب هذه الكلمات، لا لأُقنع أحدًا، بل لأني أُحس بالاختناق، وأحلم بعالم أقل قسوة… بلا حدود

تخيّل كوكبًا بلا حدود

تخيّل معي كوكبًا بعيدًا…

كائناته تشبهنا، لهم أحلام وأحاسيس، لكنهم لا يعرفون شيئًا اسمه "جنسية"، ولا يوجد لديهم "جواز سفر"، ولا خريطة تُقسّم الناس.

هناك، يتنقّل الإنسان كما يتنقّل الطير في السماء: بلا تصريح، بلا خوف، بلا أسلاك.

قد تظن أن الفوضى تسود هذا المكان، لكن العكس هو الصحيح:

الناس أكثر ترابطًا، وأكثر مسؤولية، لأنهم لا يُعاملون بعضهم على أساس بلد أو لون أو دين… بل على أساس إنسانيتهم.

لكننا عدنا إلى أرض الواقع

العودة إلى كوكبنا مؤلمة.

فكل شيء هنا مشروط بالانتماء الجغرافي.

إذا كنت فلسطينيًا… فعليك أن تنتظر، أن تُفتَّش، أن تُهان، وربما أن تُمنَع من الحياة نفسها.

أما إذا كنت أوروبيًا أو أمريكيًا، فكل الأبواب تُفتح أمامك.

الحدود أصبحت سلاحًا،

الجنسية صارت امتيازًا،

والهوية باتت لعنة لمن وُلد في المكان "الخطأ".

من الذي رسم هذه الخطوط؟ ولماذا نقدّسها؟

لو قرأنا التاريخ قليلًا، لوجدنا أن كثيرًا من هذه الحدود لم يضعها أصحاب الأرض،

بل رسمها مستعمرون، على طاولات مفاوضات باردة، لا تراعي تاريخ الشعوب ولا دماء أبنائها.

ورغم ذلك، اليوم نُقاتل من أجل هذه الخطوط، ونموت دفاعًا عنها، وكأنها وُجِدت منذ الأزل.

كيف سيكون العالم بلا حدود؟

سيعود الإنسان إلى فطرته الأولى: كائن يبحث عن الأمن، والعلم، والحب… لا عن الهيمنة والسيطرة.

سيسافر الناس لأنهم يريدون أن يتعلّموا أو يعملوا أو يعيشوا بأمان، لا لأنهم يهربون من القصف والجوع.

وحين تزول الحدود…

لن نرى "الآخر" كعدو، بل كنسخة أخرى منّا، تعيش فقط في مكان مختلف.

عالم بلا حدود لا يعني الفوضى، بل يعني أن القيم الإنسانية أصبحت أقوى من المصالح الجغرافية.

هل هذا مجرد حلم؟

ربما هو كذلك، لكنه ليس مستحيلًا.

كل الأفكار العظيمة بدأت كأحلام مستهجنة.

من كان يصدق أن تنتهي العبودية؟

من كان يتخيل أن تُمنح المرأة حقها في التصويت والتعليم؟

من كان يؤمن بأن الإنسان سيصل إلى القمر؟

لماذا لا نحلم الآن بعالم بلا حدود تُقيّد الإنسان؟

بعالم يُقدّم الحياة على الحواجز، والرحمة على الجوازات.

نحن الأرض… ولسنا أصحابها

نحن ضيوف على هذه الأرض.

جئنا إليها عُراة، وسنرحل عنها دون أن نأخذ معنا جنسية أو أوراقًا رسمية.

الحدود الحقيقية ليست تلك التي نرسمها على الخرائط، بل تلك التي نحملها في عقولنا وقلوبنا.

وإذا سقطت هذه الحدود…

حينها فقط، قد نصبح بشرًا بحق، قبل أن نكون "مواطنين". 

المصدر : مواقع التواصل