الموسيقى وتأثيرها العميق على الإنسان
تعتبر الموسيقى عنصرًا أساسيًا في حياة البشر منذ العصور القديمة. فهي ليست فقط وسيلة للتعبير الفني، بل لها تأثيرات عميقة على العواطف والسلوكيات والصحة النفسية. في هذا المقال، سنستعرض بعض الجوانب المهمة لتأثير الموسيقى على الإنسان.
1. التأثير العاطفي: تعمل الموسيقى على تحفيز شتى المشاعر، من الفرح والحب إلى الحزن والاكتئاب. أظهرت الدراسات أن الاستماع إلى الموسيقى يمكن أن يخفض مستويات التوتر والقلق، حيث تعزز بعض الأنماط والإيقاعات السعادة وتزيد من إفراز الهرمونات المرتبطة بالراحة مثل السيروتونين.
2. التحفيز الذهني: تشير الأبحاث إلى أن الموسيقى تلعب دورًا في تحفيز الدماغ. فالموسيقى الكلاسيكية، على سبيل المثال، قد تُحسّن من وظائف الذاكرة والتركيز، مما يجعلها أداة فعالة خلال فترات الدراسة أو العمل. يُعرف هذا التأثير أيضًا بـ "أثر موجة موزارت".
3. الموسيقى كعلاج: تستخدم الموسيقى في العلاج النفسي والعلاج الطبيعي، حيث يُعتبر العلاج بالموسيقى وسيلة فعالة لتحسين الصحة النفسية للمرضى. يمكن أن تساعد الموسيقى في تخفيف الألم، وتحسين الحالة المزاجية، والمساهمة في التعافي من الإصابات الجسدية والعاطفية.
4. التواصل الاجتماعي: تلعب الموسيقى دورًا مهمًا في تعزيز الروابط الاجتماعية. من خلال حفلات الموسيقى والمهرجانات، يمكن للناس الاجتماع ومشاركة التجارب، مما يعزز الإحساس بالانتماء والتواصل بين الأفراد. في كثير من الثقافات، تُستخدم الموسيقى في الاحتفالات والتقاليد لتعزيز الروابط بين أفراد المجتمع.
5. تأثيرها على الثقافة: تعتبر الموسيقى مرآة تعكس ثقافات الشعوب وتاريخهم. فهي تعبر عن القضايا الاجتماعية والسياسية، وتساعد على نقل الرسائل الهامة. من خلال استكشاف الأنماط الموسيقية المختلفة من حول العالم، يمكننا فهم تنوع الثقافات والتقاليد.
الآثار الإيجابية
الفوائد العقلية والنفسية للموسيقى:
يُشير الخبراء إلى أنّ للموسيقى تأثير قوي على العقل؛ فهي تُحفّز العقل للعمل بالطريقة نفسها التي تحدث أثناء ممارسة التمارين الرياضيّة لتحسين لياقة الجسم، وقد أُثبت علميًّا أنّ الموسيقى تُساعد في استذكار المشاعر، كما تُحفّز الخلايا العصبيّة في الدماغ وذلك من خلال تكرار الاستماع إلى لحن معين في فترات زمنية مختلفة، فكلما استمع الشخص إلى نغمة محددة تُصبح مألوفة لديه وتقوّي الخلايا العصبية، وفيما يلي أبرز الفوائد العقليّة والنفسيّة للموسيقى:
1. تقليل التوتر: أُثبت أنّ الاستماع إلى الموسيقى خاصة الهادئة ذات الإيقاع البطيء، والنغمة المنخفضة، وبدون كلمات تُساعد في الاسترخاء وتقليل التوتر لدى الناس الأصحاء وحتى الآخرين الذين يخضعون على سبيل المثال إلى عمليات جراحيّة بسيطة.
2. تقليل القلق: وضحّت الدراسات التي أُجريت على مرضى السرطان الذين اعتمدوا الاستماع للموسيقى إلى جانب العلاج الصحي المعتاد انخفاض القلق والخوف لديهم مقارنةً بالمرضى الآخرين الذين تلقّوا الرعاية الصحية فقط.
3. تحسين الذاكرة: أظهرت دراسة أُجريت على الناجين من السكتات الدماغية أنّ الاستماع إلى الموسيقى ساعدهم في تطوير المخزون اللغوي وقدرتهم اللفظية، وقللت التشويش لديهم، إضافة إلى تحسين قدرتهم على التركيز.
4. معالجة الأمراض العقلية: اكتشف باحثون في علم الأعصاب أنّ الاستماع إلى الموسيقى يُحفز إفراز بعض المواد الكيميائيّة العصبيّة، التي تلعب دورًا مهما في وظائف المخ والصحة العقليّة والتي قد تُحسّن الحياة الاجتماعيّة للمصابين بمرض الفصام، إذ تؤثر في الآتية: مادة الدوبامين الكيمائيّة المرتبطة بمراكز المتعة، وهرمون السيروتونين وغيره من الهرمونات المتعلقة بالمناعة، وهرمونات التوتر كالكورتيزول، إضافةً إلى الأوكسيتوسين الذي يُعزز القدرة على التواصل مع الآخرين.
5. تجربة تعليميّة أفضل: ينصح الأطباء في جونز هوبكنز بالاستماع إلى الموسيقى لتحفيز العقل؛ إذ يظهر ذلك من عند التعرّض لأشعة الرنين المغناطيسي، التي تظهر مناطق نشطة ومضيئة في الدماغ نتيجةً لاستماع الفرد للموسيقى، كما تُزيد من الحماس للتعلّم.
6. تحسين الأداء المعرفي والإدراكي: تُشير الأبحاث إلى أنّ تشغيل الموسيقى في الخلفية بينما يُنجز الفرد أنشطة أخرى تُحسّن من الأداء خاصة لدى كبار السن.
7. إنقاص الوزن: تُعد من أكثر الفوائد المدهشة للموسيقى؛ إذ إنّ تناول الطعام في الأماكن ذات الإضاءة المنخفضة والموسيقى الهادئة تُساعد الأشخاص في تناول كميّات أقل من الطعام.
8. تحسين جودة النوم: يُعد الأرق من المشاكل التي تؤثر على حياة الأفراد إلّا أنّ الاستماع للقليل من الموسيقى الكلاسيكيّة الهادئة قد يكون علاج آمن وفعّال لتحسين جودة النوم.
9. تعزيز الأداء والقدرة على التحمل: يُمكن تطبيق ذلك على التمارين الرياضية، فبينما يتمرّن الشخص وهو يستمع للموسيقى يُعزز ذلك من أدائه ويشتت انتباهه عن الألم أو الإجهاد، كما يُقلل من تصوّر الشخص لحجم الجهد الذي بذله.
10. تُحسّن الدافع لدى الأشخاص: يُعد الاستماع للموسيقى سريعة الإيقاع دافع للأفراد للإنجاز بشكل أكبر.
11. تُحسّن المزاج: إذ تُحسن الموسيقى المزاج وتجعل الشخص أكثر سعادة وفرح.
12. تُقلل من أعراض الاكتئاب: إذ تُساعد الموسيقى في التقليل من مخاطر الاكتئاب والاضطرابات النفسيّة الأخرى
الموسيقى كغيرها من الأشياء تُعتبر سلاح ذو حدين
وفيما يلي بعض الآثار السلبيّة لها:
1. يمكن للموسيقى أن تجعل الشخص يرى العالم بشكل أكثر سلبية عند سماع أغاني حزينة أو عدوانية، الأمر الذي يجعل الشخص ينظر للعالم على أنّه أقل إيجابيّة وسطوعًا مما هو عليه.
2. يمكن للموسيقى أن تزيد من العدائية فعلى سبيل المثال كانت تُستخدم منذ القدم في الحروب، خاصةً الموسيقى التي تحتوي على كلمات عدوانيّة، والتي قد تتحوّل إلى حقيقة.
3. تُدخل الشخص في دوامة من إذاعة الوقت إذا بالغ في الاستماع لها.
في الختام، فإن تأثير الموسيقى على الإنسان هو تأثير عميق ومتعدد الأبعاد. من تحسين الحالة النفسية إلى تعزيز الروابط الاجتماعية وتوفير العلاج، تبقى الموسيقى جزءًا لا يتجزأ من تجربة الإنسان. من المهم أن نواصل استكشاف هذا الفن الرائع وكيف يمكن أن يُستخدم لتحسين نوعية حياتنا.